للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قَوْله: (فَإِذَا قُدِرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، لَمْ يُقْتَلْ إِلَّا إِذَا كَانَتِ الحَرْبُ قَائِمَةً، فَإِنَّ مَالِكًا (١) قَالَ: إِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ إِنْ رَأَى ذَلِكَ، لِمَا يُخَافُ مِنْ عَوْنِهِ لِأَصْحَابِهِ عَلَى المُسْلِمِينَ، وَأَمَّا إِذَا أُسِرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الحَرْبِ، فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ البِدْعِيِّ الَّذِي لَا يَدْعُو إِلَى بِدْعَتِهِ، فَهُوَ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا قُتِلَ. وَقِيلَ: يُسْتَتَابُ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ يُؤَدَّبُ وَلا يُقْتَلُ (٢)، وَأَكثَرُ أَهْلِ البِدَعِ إِنَّمَا يَكْفُرُونَ بِالمَآلِ).

ذَكَر المؤلِّف رَحِمَهُ اللهُ في هذه المسألة مَذْهبَ مالكٍ، وأنه يُفَرَّق بين القدرة عليه حال الحرب، وبين أَسْره بعد انقضاء الحرب، وأما الجمهور (٣)


(١) يُنظر: " التاج والإكليل " للمواق (٦/ ٢٧٨) حيث قال: " فلا يقتل وإن كانت الحرب قائمةً، فللإمام قتله ولو كانوا جماعةً إذا خاف أن يكون منهم ضرر ".
(٢) والقول الأول قول مطرِّف وأصبغ، والثاني قول سحنون وابن الماجشون.
يُنظر: " المقدمات الممهدات " لابن رشد الجد (٣/ ٢٣٧) حيث قال: " وحكمه حكم البدعي في جماعة المسلمين الذي لا يدعو إلى بدعته يُسْتتاب في قول ذلك، فإن تاب وإلا قتل، وهو قول مطرف وابن عبد الحكم وأصبغ، وفي قول ابن الماجشون وسحنون ينهى عن بدعته، ويؤدب ويُسْتتاب، ويُقْبل منه ما أظهر من قليل التوبة أو كثيرها، وهو قول عطاء ".
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: " مختصر القدوري " (ص ١٦٧) حيث قال: " ولا يَبْدؤهم بالقتال حتى يبدؤوا، فإن بدؤوا قاتلهم حتى يفرق جمعهم، فإن كانت لهم فئةٌ، أجهز على جريحهم، واتَّبع موليهم، وإنْ لم يكن لهم فئة لم يجهز على جريحهم، ولم يتبع موليهم، ولا تسبى لهم ذرية، ولا يغنم لهم مال، ولا بأس أن يقاتلوا بسلاحهم إن احتاج المسلمون إليه، ويحبس الإمام أموالهم، ولا يردها عليهم، ولا يقسمها حتى يتوبوا فيردها ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: " التنبيه " للشيرازي (ص ٢٢٩) حيث قال: " ويقاتلهم إلى أن يفيئوا إلى أمر الله تعالى، ولا يتبع في الحرب مدبرهم، ولا يذفف على جريحهم، ويتجنب قتل ذي رحمة، وإنْ أسر منهم رجلًا، حبسه إلى أن تنقضي الحرب ثم خلاه، ويأخذ عليه ألا يعود إلى قتاله ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: " الإنصاف " للمرداوي (١٠/ ٣١٥) حيث قال: " اعلم أنه يحرم قتل مدبرهم وجريحهم بلا نزاعٍ، ولا يتبع مدبرهم على الصحيح من المذهب مطلقًا. وقيل: في آخر القتال … (ومن أسر من رجالهم: حبس حتى تنقضي الحرب، تم يرسل) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>