للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَيْسَ بِكَافِرٍ بَتَّةً، أَصْلُهُ قِتَالُ الصَّحَابَةِ، وَكَذَلِكَ الكَافِرُ بِالحَقِيقَةِ هُوَ المُكَذِّبُ لَا المُتَأَوِّلُ).

واستنَدَ الجمهور إلى قول الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا} [الحجرات: ٩]، فلَمْ يَأْمر الله تعالى بقَتْلهم؛ لأنهم مُتَأوِّلون بخلاف المحاربين الذين خرجوا أصلًا للحرب والقتل والسرقة والتعدي على حُرُمات الناس وإخَافة السبيل بخلاف أولئك الذين تأولوا وأخطأوا، ولذا فقد أرسل عَلىٌّ - رضي الله عنه - إلى الخوارج مَنْ يصحح لهم يَدْعوهم إلى الحقِّ قبل قتالهم (١).

قوله: (أَصْله قتال الصحابة)، يشير إلى قتال أبي بكرٍ لمانعي الزكاة، أما المرتدُّون فإنهم يُقاتَلون كفارًا، وأيضًا ما حصل من عليٍّ - رضي الله عنه - مع أهل الجمل وصفين والنهروان (٢)، وما حَصَل فيها من قتالٍ وسفكٍ للدماء إنما يحمل وزرها أولئك الذين أشعلوا تلك الفتنة، وأقاموا الحرب بين


= في أن العادل إذا أصاب من أهل البغي من دم أو جراحة أو مال استهلكه، إنه لا ضمان عليه، (وأما) الباغي إذا أصاب شيئًا من ذلك من أهل العدل، فقد اختلفوا فيه. قال أصحابنا: إنَّ ذلك موضوع ".
ومذهب المالكية، يُنظر: " الكافي " لابن عبد البر (١/ ٤٨٦) حيث قال: " ولا يذفف على جريحهم، ولا تسبى ذراريهم ولا أموالهم ".
ومَذْهب الشافعية، يُنظر: " روضة الطالبين " للنووي (١٠/ ٥٥) حيث قال: " فإذا أتلف باغٍ على عادلٍ أو عكسه في غير القتال، ضمن قطعًا على ما تقرر من القصاص والقيمة، وأما في حال القتال، فما يتلفه العادل على الباغي لا يضمنه، وما يتلفه الباغي على العادل من نفسٍ أو مالٍ هل يضمنه؟ قولان، أظهرهما: لا ".
ومَذْهب الحنَابلة، يُنظر: " العمدة " لابن قدامة (ص ٥٥٨) حيث قال: " ولا ضمان على أحَد الفريقين فيما أتلف حال الحرب من نفسٍ أو مالٍ ".
(١) مثل ما فَعَل ابن عباس - رضي الله عنهما - عندما ذهب إليهم وناظرهم، وَرَجع منهم ألفان. وانظر القصة في " السنن الكبرى " للنسائي (٧/ ٤٨٠).
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>