للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتَلَفُوا فِي قَتْلِ المَرْأَةِ، وَهَلْ تُسْتَتَابُ قَبْلَ أَنْ تُقْتَلَ؟ فَقَالَ الجُمْهُورُ (١): تُقْتَلُ المَرْأَةُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢): لَا تُقْتَلُ، وَشَبَّهَهَا بِالكَافِرَةِ الأَصْلِيَّةِ، وَالجُمْهُورُ اعْتَمَدُوا العُمُومَ الوَارِدَ فِي ذَلِكَ، وَشَذَّ قَوْمٌ، فَقَالُوا: تُقْتَلُ وَإِنْ رَاجَعَتِ الإِسْلَامَ) (٣).

المُرْتدُّ إذا كان رجلًا، فلا خلَافَ بين العُلَماء في أنه يُقْتل (٤)؛ لقَوْل الله تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} الآية [البقرة: ٢١٧]، ولقَوْل النبي - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ بدَّل دينه فاقتُلُوه " (٥)، فبيَّن حدَّ المرتد أنه القتل.

وَاخْتلَف أَهْلُ العلم في المرأة إذا ارتدَّت، فَذَهبَ الجمهور (٦) (مَالكٌ والشافعيُّ وأحمَد) إلى أنها تُقْتل كما يُقْتل الرَّجل؛ إذ لم تُفرِّق النُّصُوص بين الرَّجل والمرأة في هذا الحكم، فإن " مَنْ " في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ بدل دينه فاقتلوه " (٧)، من صيغ العموم، فيدخل فيها كلُّ مبدلٍ لدينه إلا أنْ يكون مجنونًا أو صغيرًا لم يبلغ سنَّ التكليف، وممَّن قال بهذا القول من السلف


(١) مذهب المالكية، يُنظر: " البيان والتحصيل " لابن رشد الجد (١٦/ ٣٩٢) حيث قال: " والصحيح أنها تقتل إِنْ لم تسلم ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: " تحفة المحتاج " للهيتمي (٩/ ٩٦) حيث قال: " فإن أصرا (أي: الرجل والمرأة) على الردة، قُتِلَا ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: " الإقناع " للحجاوي (٤/ ٢٩٨) حيث قال: " من ارتدَّ عن الإسلام من الرجال والنساء وهو بالغ عاقل مختار، دُعِيَ إليه ثلاثة أيام، وضيق عليه وحبس، فإن تاب وإلا قتل بالسيف ".
(٢) يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (١٠/ ١٠٨) حيث قال: " ولا تقتل المرتدة، ولكنها تحبس، وتجبر على الإسلام عندنا ".
(٣) لم أقف عليه.
(٤) تقدم نقل الإجماع أول المسألة.
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) تقدم.
(٧) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>