للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يتعرَّض المؤلف رَحِمَهُ اللهُ إلى مسألة استتابة المرتدِّ (١)، فهل يستتاب أو يقتل مباشرةً دون استتابة؟

ذهب الأئمة الأربعة - وهو الصحيح - إلى أنه يستتاب ثلاثًا، أي: يعرض عليه الإسلام ثلاثة أيامٍ، ويرغب فيه، وَيُدْعى إليه، فإن رجعَ وإلا قُتِلَ؛ لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وكذا فعَلَه عُمَر بن الخطَّاب - رضي الله عنه -.

ووَجْهٌ آخر عند الشافعيِّ (٢) أنه لا يُسْتتاب؛ لعموم الحديث: " مَنْ بدَّل دينَه فاقتُلُوه " (٣)، وليس ثَمَّ مخصصٌ.

* قوله: (وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا البَابِ فِي حُكْمِ السَّاحِرِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يُقْتَلُ كُفْرًا، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يُقْتَلُ. وَالأَصْلُ أَلَّا يُقْتَلَ إِلَّا مَعَ الكُفْرِ).

مَسْألة السِّحر وحُكْم السَّاحر هذه من المباحث التي لها تعلقٌ بالعقيدة، ولذا تُبْحث أيضًا في كتب التوحيد، لخطورتها وانتشارها في كلِّ زمانٍ ومكانٍ.

والسحرُ معروفٌ، ولا خلاف بين العلماء على ذمه، ولكنهم اختلفوا فيما يتعلَّق بالعقوبة عليه.

فَذَهَب مَالكٌ (٤)، وأحمَدُ (٥) إلى أن الساحرَ كافرٌ.

وقال الشافعي (٦): إذا كان قَدْ فعَل ما يوجب الكفرَ، أو استحلَّ السحرَ، فإنه يكون كافرًا.


(١) تقدم ذكر الاستتابة والمذاهب فيها.
(٢) الوجه الآخر عند الشافعية أنه يُسْتتَاب استحبابًا، وليس وجوبًا. يُنظر: " التنبيه " للشيرازي (ص ٢٣١) حيث قال: " وَمَن ارتدَّ عن الإسلام يستحبُّ أن يستتاب في أحد القولين، ويجب في الآخر ".
(٣) تقدم.
(٤) يُنظر: " الكافي " لابن عبد البر (٢/ ١٠٩١) حيث قال: " عن مالكٍ قال: الساحر كالزنديق الذي يظهر الإسلام، ويسر الكفر، وكيف يستتاب ".
(٥) يُنظر: " المغني " لابن قدامة (٩/ ٢٩) حيث قال: " قال أصحابنا: ويكفر الساحر بتعلمه وفعله، سواء اعتقد تحريمه أو إباحته ".
(٦) يُنظر: " الحاوي الكبير " للماوردي (١٣/ ٩٦) حيث قال: " مذهب الشافعي إنه لا يكفر بالسحر، ولا يجب به قتله، ويسأل عنه، فإن اعترف معه بما يوجب كفره، وإباحة =

<<  <  ج: ص:  >  >>