للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَاتَّفَقُوا أَنَّ القَاضِيَ يَحْكُمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الحُقُوقِ كَانَ حَقًّا لِلَّهِ أَوْ حَقًّا لِلآدَمِيِّينَ) (١).

هذا تكرر قبل. هناك من الحقوق ما هو حق لله، ويقصد به ما يختص به سبحانه وتعالى - كما عرفنا في حقوق اللّه على العباد "ما حق اللّه على العباد وما حق العباد على الله؟ " قال: "حق اللّه على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا" (٢). فيأتي في مقدمة ذلك العبادة، والعبادة تحتاج إلى إخلاص، أي: إخلاص النية للّه تعالى، فلا يشركه غيره معه، والأدلة في ذلك كثيرة في كتاب اللّه عز وجل، وفي سنة رسوله، وليس هذا محل بحثها، وإن كنا نعرض لها أحيانًا في المناسبات.

* قوله: (وَأَنَّهُ نَائِب عَنِ الإِمَامِ الأَعْظَمِ فِي هَذَا المَعْنَى) (٣).

كذلك هو ينوب عن الإمام .. من الذي يولي القضاة؟


(١) لم أجد نصًّا في ذلك، لكن لعل ابن رشد فهم الاتفاق من صنيع الفقهاء في الحكم فيمن ارتد عن الإسلام. وهذا من حقوق اللّه، ينظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ١٥١)؛ حيث أورد حديث ابن عباس أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: "من بدل دينه فاقتلوه"، وقال: "وظاهر هذا الحديث يوجب على كل حال من غَيَّرَ دين الإسلام أو بدَّله، فليقتل ويضرب عنقه؛ إِلَّا أن الصحابة قالوا: إنه يُستتاب، فإن تاب وإلا قتل". وأما حقوق الناس، فقال أحمد: "لا بد للناس من حاكم؛ لئلا تذهب حقوق الناس". انظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٢٨٦).
(٢) أخرجه البخاري (٢٨٥٦) ومسلم (٣٠) عن معاذ - رضي الله عنه -، قال: "كنت ردف النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له: عفير، فقال: "يا معاذ، هل تدري حق اللّه على عباده، وما حق العباد على اللّه؟ "، قلت: "اللّه ورسوله أعلم" قال: "فإن حق اللّه على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا" … الحديث.
(٣) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٦/ ٢٥٨)؛ حيث قال: "ولا يقدر الإمام على فصل الخصومات بنفسه، فدعت الحاجة إلى تولية القضاء".
وينظر: "الإقناع" للحجاوي (٤/ ٣٦٥)؛ حيث قال: "وتفيد ولاية الحكم العامة، ويلزم بها فصل الخصومات واستيفاء الحق ممن هو عليه، ودفعه إلى ربه".

<<  <  ج: ص:  >  >>