للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالذي يولي القضاة وينصبهم هو الإمام الأكبر، يعني والي المسلمين، خليفة المسلمين، وعندما يعين القضاة يختار من يُعرف بعلمه وفضله ونزاهته، وأن يكون ذا مروءة، إذًا الإمام هو مَن يختار القضاة، إذا لم يكن على بينة من أولئك، فإنه يسأل ويستشير، ويتعرف، حتى يصل إلى ما هو أصلح لذلك؛ لأن أمر القضاء ليس بسهل ولا يسير؛ ففيه حكم بين الناس، وحكم القاضي ملزم.

* قوله: (وَأَنَّهُ يَعْقِدُ الأَنْكِحَةَ وَيُقَدِّمُ الأَوْصِيَاءَ).

لكن عندما ننظر الآن نجد أن بعض الأحكام التي كانت تندرج تحت ولاية القضاء ربَّما وُزعت، فهنالك الحسبة أصبح الان لها جهة معينة، وعقود الأنكحة أيضًا قد يخصص لها أناس، وإن كانت في الواقع مرتبطة بعضها ببعض، ولكن نجد أن أكثر أعمال المحاكم هو فيما يتعلق بالخصومات ورفعها، وربما في أمور الطلاق وغير ذلك، إذًا هناك كثير من الأحكام أصبحت الآن موزعة، كما نرى الآن ما يتعلق بالأمور المختصة بالبلديات، والأمور المتعلقة بالشرطة، وما يتعلق كذلك بهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهناك ما هو متعلق بالقضاء، ولكن القضاء إذا حكم فهو يختلف عن الفتوى؛ والفرق بين ما يصدر عن القاضي، وما يصدر عن المفتي، أن ما يصدر عن القاضي إنما هو ملزم؛ لأنه حُكْمٌ حَكَمَ به، فيلزم الخصمين أن ينفذاه، أما بالنسبة للفتوى فهي إعلام بالحق، فيُستفتى العالم من العلماء في مسألة، فيُبين العالم للمستفتي حكم اللّه في تلك المسألة، وله أن يأخذ بها أو لا يأخذ، وليس حكمًا إلزاميًّا.

* قوله: (وَأَنَّهُ يَعْقِدُ الأنْكِحَةَ وَيُقَدِّمُ الأَوْصِيَاءَ) (١).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (١٣/ ٥٠٧)؛ حيث قال: "ومن أوصى إلى من يعجز عن القيام بالوصية ضم إليه القاضي غيره رعاية لحق الموصي".
ومذهب المالكية، ينظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٣٨)؛ حيث قال في مهام القاضي: "النظر في حال وصي على يتيم، هل هو محسن في تربيته وماله أم لا". =

<<  <  ج: ص:  >  >>