للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو بإِطْلاعِ اللّه سبحانه وتعالى له عليه، ولذلك ترى - كما سيأتي في المسألة القادمة - أن القضاة إنما يحكمون في الظواهر في ضوء ما يكون عندهم من شهود أو قرائن يبني عليها القاضي في بعض الأحكام.

* قوله: (وَكَذَلِكَ هَلْ يَسْتَخْلِفُ؟ فِيهِ خِلَافٌ فِي المَرَضِ وَالسَّفَرِ (١)). يعني هل له إذا سافر أو انشغل بأمر أن يستخلف غيره؟ أو أن ذلك يرجع إلى السلطان؟ هذه أمور قد نظمت في هذا الزمان، ونرى أن المحكمة يكون لها رئيس، ولها نائب، ومعلوم من طبيعة العمل أنه إذا غاب الرئيس حل محله نائبه، فهو يقوم مقامه، إذًا هذه أمور قد نظمت، ومعلوم أن التنظيم الإداري، أو ما يعرف بالتراتيب الإدارية، قد نظمت، فأول ما يبدأ الأمر يبدأ صغيرًا، ثم بعد ذلك يتسع، ثم يزداد نظامًا


(١) مذهب الحنفية، ينظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (٤٦/ ٩)؛ حيث قال: "وليس للقاضي أن يستخلف على القضاء إِلَّا أن يفوض إليه ذلك؛ لأنه قلد القضاء دون التقليد به".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٣٣)؛ حيث قال: "فإن نص له على الاستخلاف جاز مطلقًا، لعذر ولغيره في الجهة القريبة منه والبعيدة، وإن نص على عدمه منع مطلقًا، وإن لم ينص على واحد، فإن كانت الجهة قريبة فالمنع إذا كان الاستخلاف لغير عذر، وإن كان لعذر فقولان، وإن كانت الجهة بعيدة فالجواز كان لعذر، أو لغيره".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ٢٤١)؛ حيث قال: "ويندب للإمام أو من ألحق به إذا ولى قاضيًا أن يأذن له في الاستخلاف؛ ليكون أسهل له وأقرب لفصل الخصومات، ويتأكد ذلك عند اتساع الخطة، فإن نهاه عنه لم يستخلف استخلافًا عامًّا؛ لعدم رضاه بنظر غيره، فإن كان ما فوض له أكثر مما يمكنه القيام به اقتصر على الممكن وترك الاستخلاف".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٢٩٤)؛ حيث قال: "ويستحب للإمام أن يجعل للقاضي أن يستخلف؛ خروجًا من خلاف من منعه منه بلا إذن، وإن نهاه - أي: نهى الإمام القاضي عن الاستخلاف - لم يكن له أن يستخلف غيره؛ لأن ولايته قاصرة، وإن أطلق الإمام فلم يأمره بالاستخلاف ولم ينهه عنه، فله - أي: القاضي - ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>