للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَيَنْظُرُ فِي التَّحْجِيرِ (١) عَلَى السُّفَهَاءِ) (٢).

التحجير على السفهاء من اختصاصه؛ لأن الذي يحجر عليه إما أن يكون صغيرًا وإما أن يكون سفيهًا، وإما أن يكون مفلسًا، وكل هؤلاء ينظر في أمرهم، فهو ينظر فيما يتعلق بالمفلس الذي قد أفلس فلا شيء عنده، قد يكون بين يديه أشياء من الأموال من غير النقدين، وقد يكون بعضها لأناس موجودين بأعيانهم، فهم أحق بها، وهناك طريقة درسناها تتعلق بكيفية تقسيم مال المفلس بين الغرماء (أي: أصحاب الحقوق)، وهناك سفيه (يعني: إنسانًا يحجر عليه)؛ لصغره، وهناك كبير ولكنه يتصرف تصرف السفهاء، ولذلك يقول اللّه تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا}، وقال في الآية: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٥، ٦]. وقد جاء في الحديث أن السلطان ولي من لا ولي له (٣)، وقد درسنا في كتاب النكاح أنه إذا عضل الأولياء المرأة فإنها


(١) التحجير على السفهاء: منعه من التصرف في ماله. انظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (١٣٨/ ٢).
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٦/ ١٥٠)؛ حيث قال: "والقاضي يحبس الحر المديون؛ ليبيع ماله لدَيْنه، وقضى دراهم دينه من دراهمه".
ومذهب المالكية، يُنظر: "مختصر خليل" (ص ١٧٢)؛ حيث قال: "يحكم في الرشد وضده والوصية والحبس المعقب وأمر الغائب، والنسب والولاء وحد وقصاص ومال يتيم القضاة".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ١٠٤)؛ حيث قال: "يبادر القاضي بعد الحجر ببيع ماله وقسمه بين الغرماء".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٢٨٩)؛ حيث قال: "والنظر في أموال اليتامى والمجانين والسفهاء؛ لأن ترك ذلك يؤدي إلى ضياع أموالهم، والحجر على من يرى الحجر عليه لسفه أو فلس؛ لأن الحجر يفتقر إلى نظر واجتهاد، فلذلك كان مختصًّا به".
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٢/ ٦٣٢٣)، وصححه الألباني "صحيح الجامع" (٧٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>