قال له: جرّأت عليّ الناس يا بن اللّخناء! قال: والله ما ألقيت لها بالا أيها الأمير إلا وقتي هذا.
[عاصم بن الحدثان والفرزدق]
: وكان عاصم بن الحدثان عالما ذكيّا، وكان رأس الخوارج بالبصرة، وربما جاء الرسول منهم من الجزيرة يسأله عن الأمر يختصمون فيه، فمرّ به الفرزدق، فقال لابنه: أنشد أبا فراس، فأنشده:
وهم إذا كسروا الجفون أكارم ... صبر وحين تحلّل الأزرار «١»
يغشون حومات المنون وإنّها ... في الله عند نفوسهم لصغار
يمشون بالخطّيّ لا يثنيهم ... والقوم إن ركبوا الرماح تجار «٢»
فقال له الفرزدق: ويحك! اكتم هذا لا يسمعه النساجون فيخرجوا علينا بحفوفهم «٣» فقال أبوه: هو شاعر المؤمنين وأنت شاعر الكافرين.
ونظير هذا مما يشجّع الجبان قول عنترة الفوارس:
بكرت تخوّفني الحتوف كأنّني ... أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل «٤»
فأجبتها: إنّ المنيّة منهل ... لا بدّ أن أسقي بكأس المنهل
فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي ... أنّي امرؤ سأموت إن لم أقتل «٥»
ومن أحسن ما قالوه في الصبر، قول نهشل بن حريّ بن ضمرة النهشليّ:
ويوم كأنّ المصطلين بحرّه ... وإن لم تكن نار وقوف على جمر «٦»
صبرنا له حتى يبوخ، وإنما ... تفرّج أيام الكريهة بالصّبر «٧»