وقال عبد الملك بن مروان: ما كنت أحب أنّ أحدا ولدني من العرب إلا عروة بن الورد لقوله:
أتهزأ مني سمنت وأن ترى ... بجسمي مسّ الجوع والجوع جاهد
لأني امرؤ عافى إنائي شركة ... وأنت امرؤ عافى إنائك واحد
أقسّم جسمي في جسوم كثيرة ... وأحسو قراح الماء والماء بارد «١»
ومن أحسن ما قيل في الجود مع الإقلال قول صريع:
فلو لم يكن في كفّه غير روحه ... لجاد بها فليتّق الله سائله
ومن أفرط ما قيل في الجود قول بكر بن النطّاح:
أقول لمرتاد النّدى عند مالك ... تمسّكّ بجدوى مالك وصلاته «٢»
فتى جعل الدّنيا وقاء لعرضه ... فأسدى بها المعروف قبل عداته «٣»
فلو خذلت أمواله جود كفّه ... لقاسم من يرجوه شطر حياته
وإن لم يجز في العمر قسم لمالك ... وجاز له أعطاه من حسناته
وجاد بها من غير كفر بربّه ... وأشركه في صومه وصلاته
وقال آخر في هذا المعنى وأحسن:
ملأت يدي من الدنيا مرارا ... وما طمع العواذل في اقتصادي
ولا وجبت عليّ زكاة مال ... وهل تجب الزّكاة على الجواد
[العطية قبل السؤال]
قال سعيد بن العاص: قبح الله المعروف إن لم يكن ابتداء من غير مسألة، فالمعروف عوض من مسألة الرجل إذا بذل وجهه، فقلبه خائف، وفرائصه ترعد، وجبينه يرشح؛ لا يدري أيرجع بنجح الطلب، أم بسوء المنقلب، قد انتقع «٤» لونه،