وتحتها لك نعمة وفوقها لك نعمة، فمن أين يكافئك بما أعطيته؟ فأوحى الله إليه: يا داود، إنّي أعطي الكثير، وأرضى من عبادي بالقليل، وأرضى من شكر نعمتي بأن يعلم العبد أن ما به من نعمة فمن عندي لا من عند نفسه.
إبراهيم عليه السّلام:
ولما أمر الله عز وجل إبراهيم صلّى الله عليه وسلم بذبح ولده وأن يجعله قربانا، أسرّ ذلك إلى خليل له يقال له العازر، وكان له صديقا؛ فقال له الصديق إن الله لا يبتلي بمثل هذا مثلك، ولكنه يريد أن يختبرك أو يختبر بك؛ وقد علمت أنه لا يبتليك بمثل هذا ليفتنك، ولا ليضلك ولا ليعنتك، ولا لينقض به بصيرتك وإيمانك ويقينك؛ فلا يرو عنّك هذا، ولا يسوأن بالله ظنّك؛ وإنما رفع الله اسمك في البلاء عنده على جميع أهل البلايا، حتى كنت أعظمهم محنة في نفسك وولدك. ليرفعك بقدر ذلك في المنازل والدرجات والفضائل: فليس لأهل الصبر في فضيلة الصبر إلا فضل صبرك، وليس لأهل الثواب في فضيلة الثواب إلا فضل ثوابك. وليس هذا من وجوه البلاء الذي يبتلي الله به أولياءه؛ لأن الله أكرم في نفسه، وأعدل في حكمه وأرحم بعباده من أن يجعل ذبح الولد الطّيب بيد الوالد النبي المصطفى. وأنا أعوذ بالله أن يكون هذا مني حتما على الله أو ردّا لأمره، أو سخطا لحكمه، ولكن هذا الرجاء فيه والظنّ به؛ فإن عزم ربّك على ذلك فكن عند أحسن علمه بك؛ فإني أعلم أنه لم يعرّضك لهذا البلاء الجسيم، والخطب العظيم، إلا لحسن علمه بك، وصدقك وتصبّرك؛ ليجعلك إماما؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
[ومن وحي الله تعالى إلى أنبيائه]
أوحى الله عز وجل إلى نبي من أنبيائه: إني أنا الله مالك الملوك؛ قلوب الملوك بيدي؛ فمن أطاعني جعلت الملوك عليه رحمة؛ ومن عصاني جعلت الملوك عليه نقمة «١» .