قلق لم يزل وصبر يزول ... ورضا لم يطل وسخط يطول
لم تسل دمعتي عليّ من الرّحمة حتى رأيت نفسي تسيل
جال في جسمي السّقام فجسمي ... مدنف ليس فيه روح تجول «١»
ينقضي للقتيل حول فينسى ... وأنا فيك كلّ يوم قتيل
ثم سكت وغنى زنين:
ليس إلى تركك من حيلة ... ولا إلى الصبر لقلبي سبيل
فكيفما شئت فكن سيدي ... فإنّ وجدي بك وجد طويل
إن كنت أزمعت على هجرنا ... فحسبنا الله ونعم الوكيل
قال أبو عكرمة: فأقبل أبو عيسى على المسدود فقال له غنّ صوتا. فغنى:
يا لجّة الدمع هل للدّمع مرجوع ... أم الكرى من جفون العين ممنوع «٢»
ما حيلتي وفؤادي هائم أبدا ... بعقرب الصّدغ من مولاى ملسوع
لا والذي تلفت نفسي بفرقته ... فالقلب من حرّق الهجران مصدوع
ما أرّق العين إلا حبّ مبتدع ... ثوب الجمال على خدّيه مخلوع
قال أبو عكرمة: فو الله الذي لا إله إلا هو، لقد حضرت من المجالس ما لا أحصي، فما رأيت مثل ذلك اليوم. ثم إن أبا عيسى أمر لكل واحد بجائزة وانصرفنا، ولولا أن أبا عيسى قطعهم ما انقطعوا.
[من سمع صوتا فوافقه معناه فاستخفه الطرب]
حكي عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي عن أبيه قال: دخلت على هارون الرشيد فلما رأيته قد أخذ في حديث الجواري وغلبتهنّ على الرجال، غنيته بأبيات التي يقول فيها: