المتكلم في القدر، فتخلل الناس حتى وصل إليه، فقال: يا غيلان، اذكر دعاء عمر.
فقال غيلان: أفلح إذا هشام، إن كان الذي نزل بي دعاء عمر أو بقضاء سابق فإنه.
لا حرج على هشام فيما أمر به فبلغت كلمته هشاما، فأمر بقطع لسانه وضرب عنقه، لتمام دعوة عمر. ثم التفت هشام إلى الأوزاعي وقال له قد قلت يا أبا عمرو ففسّر، فقال: نعم؛ قضى على ما نهى عنه: نهى آدم عن أكل الشجرة، وقضى عليه بأكلها.
وحال دون ما أمر، أمر إبليس بالسجود لآدم وحال بينه وبين ذلك. وأعان على ما حرّم، حرّم الميتة وأعان المضطر على أكلها.
[ابن أبي عروبة وقتادة:]
الرياشيّ عن سعيد بن عامر عن جويرية عن سعيد بن أبي عروبة قال: لما سألت قتادة عن القدر قال: رأي العرب تريد أم رأي العجم؟ فقلت: بل رأي العرب.
قال: فإنه لم يكن أحد من العرب إلا وهو يثبت القدر، وأنشد:
ما كان قطعي هول كلّ تنوفة ... إلّا كتابا قد خلا مسطورا «١»
وقال أعرابيّ: الناظر في قدر الله كالناظر في عين الشمس، يعرف ضوءها ولا يختم على حدودها.
وقال: كعب بن زهير:
لو كنت أعجب من شيء لأعجبني ... سعي الفتى وهو مخبوء له القدر
يسعى الفتى لأمور ليس يدركها ... فالنفس واحدة والهم منتشر
والمرء ما عاش ممدود له أمل ... لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر
وقال آخر:
والجدّ أنهض بالفتى من عقله ... فانهض بجدّ في الحوادث أو ذر
ما أقرب الأشياء حين يسوقها ... قدر وأبعدها إذا لم تقدر