ويروى أن الحسن بن زيد لما ولي المدينة قال لابراهيم بن هرمة: لا تحسبني كمن باع لك دينه رجاء مدحك وخوف ذمّك، فقد رزقني اللَّه بولادة نبيّه الممادح وجنّبني القبائح، وإن من حقه عليّ أن لا أغضي على تقصير في حقّه وإني اقسم لئن أتيت بك سكران لأضربنّك حدين: حدّ الخمر، وحدّ السكر؛ ولازيدنك لموضع حرمتك بي، فليكن تركك لها للَّه تعن عليه، ولا تجعله للناس فتوكل إليهم، فنهض ابن هرمة وقال:
نهاني ابن الرسول عن المدام ... وأدّبني بآداب الكرام
وقال لي اصطبر عنها ودعها ... لخوف اللَّه لا خوف الأنام
وكيف تصبّري عنها وحبّي ... لها حبّ تمكّن في عظامي
أرى طيب الحلال عليّ خبثا ... وطيب النفس في خبث الحرام
[زياد وحارثة ابن بدر]
وذكروا ان حارثة بن بدر الغداني كان فارس بني تميم، وكان قد غلب على زياد، وكان الشراب قد غلب عليه؛ فقيل لزياد: إن هذا قد غلب عليك، وهو رجل مستهتر بالشراب! فقال لهم: كيف اطّراحي لرجل ما راكبني قط فمست ركبتي ركبته، ولا تقدمني فنظرت إلى قفاه، ولا تأخر عني فلويت إليه عنقي، ولا سألته عن شيء قط إلا وجدت علمه عنده!.
فلما مات زياد جفاه ولده عبيد اللَّه بن زياد؛ قال له حارثة: أيها الامير، ما هذا الجفاء مع معرفتك بحالي عند أبي المغيرة؟ فقال له عبيد اللَّه: إن أبا المغيرة قد برع بروعا لا يلحقه معه عيب؛ وأنا حدث، وإنما أنسب إلى من تغلب عليّ، وانت تديم