ثم جعلا لا يمرّان بقبيلة إلا قتلا من وجدا فيها، حتى مرّا ببني عليّ بن سود، من الأزد، وكانوا رماة، وكان فيهم مائة يجيدون الرمي، فرموهم رميا شديدا، فصاحوا: يا بني عليّ، البقيا، لا رماء بيننا. فقال رجل منهم:
لا شيء للقوم سوى السهام ... مشحوذة في غلس الظلام
فهربت عنهم الخوارج؛ فاشتقّوا مقبرة بني يشكو حتى خرجوا إلى مزينة، واستقبلهم الناس فقتلوا عن آخرهم.
[زياد والخوارج]
: ثم عاد الناس إلى زياد، فقال: ألا ينهى كلّ قوم سفهاءهم؟ فكانت القبائل إذا أحست بخارجي فبهم أوثقوه وأتوا به زيادا، منهم من يحبسه ومنهم من يقتله.
ولزياد أخرى في الخوارج: أنه أتي بامرأة منهم، فقتلها ثم عرّاها، فلم تخرج النساء إلا بعد زياد، وكنّ إذا أرغمن على الخروج قلن: لولا التّعرية لسارعنا.
ومن مشاهير فرسان الخوارج: عمرو القنا، من بني سعد بن زيد مناة؛ وعبيدة بن هلال، من بني يشكر بن بكر بن وائل، وهو الذي طعن صاحب المهلّب في فخذه؛ فشكّها مع السرج؛ وهما اللذان يقول فيهما ابن المنجب السدوسي من فرسان المهلّب، وكان قال له مولاه خلاج: وددت أنّا فضضنا عسكرهم حتى أصير إلى مستقرّهم فأستلب منه جاريتين، إحداهما لك والأخرى لي:
أخلاج إنك لن تعانق طفلة ... شرقا بها الجاديّ كالتّمثال «١»
حتى تعانق في الكتيبة معلما ... عمرو القنا وعبيدة بن هلال «٢»
وترى المقعطر في الكتيبة مقدما ... في عصبة قسطوا مع الضّلّال «٣»