فلما علم الصيرفي عزم القوم على الشهادة لها، وعلم أنهم إن شهدوا عليه لم يبرح حتى يؤدّيها: قال لهم: إن رأيتم أن تصلحوا بيني وبين هذه المرأة على ما ترونه فافعلوا.
قالوا: نعم والصلح خير، ونعم الصلح الشطر؛ فأدّ إليها مائة دينار من المائتين! فقال لهم: أفعل، ولكن اكتبوا بيني وبينها كتابا يكون وثيقة لي. قالوا: وكيف تكون هذه الوثيقة؟ قال: تكتبون لي عليها انها قبضت مني مائة دينار صلحا على المائتي دينار التي ادّعاها ابو رافع عليّ في نومها، وأنها قد أبرأتني منها، وشرطت على نفسها ان لا ترى أبا رافع في نومها مرة اخرى، فيدعي عليّ بغير هذه المائتي دينار، فتجيء بفلان وفلان يشهدان عليّ لها! فلما سمعوا الوثيقة انتبه القوم لانفسهم، وقالوا: قبحك الله وقبح ما جئت به.
[عامر بن عبد الله]
ومنهم عامر بن عبد الله بن الزبير، أتي بعطائه وهو في المسجد، فقام ونسيه في موضعه؛ فلما أتى البيت ذكره، فقال: يا غلام، ائتني بعطائي الذي نسيت في المسجد! قال: وأين يوجد وقد دخل المسجد بعدك جماعة؟ وبقي أحد يأخذ ما ليس له!؟
وسرقت نعله مرة، فلم يلبس نعلا بعدها حتى مات، وقال: أكره أن أتخذ نعلا يجيء من يسرقها فيأثم! وفي هذا الضرب يقول أبو أيوب السختياني: من أصحابي من أرجو بركته ودعاءه ولا أقبل شهادته.
[عابد في بني اسرائيل]
قال الأصمعي: كان الشعبي يحدّث انه كان في بني إسرائيل عابد جاهل قد ترهّب في صومعته، وله حمار يرعى حول الصومعة؛ فاطّلع عليه من الصومعة فرآه يرعى، فرفع يده إلى السماء فقال: يا رب، لو كان لك حمار كنت أرعاه مع حماري وما كان