قال: فما هو إلا أن فرغ حتى دخل رسول اللَّه أمير المؤمنين ومعه كركي «١» ، فقال: إن أمير المؤمنين يقرئك السلام وهو يعذرك فيما هاج بك من الدم، وقد أمرك بالتخلف في منزلك إلى أن تغدو عليه إن شاء اللَّه، ويقول: ما أهدي إلينا اليوم غير هذا الكركي. فشأنك به. قال: فالتفت السندي إلى جلسائه فقال: ما يضع بهذا الكركي؟ فقال الحجام: يطبخ سكباجا «٢» . قال السندي: يصنع كما قال. وحلف على الحجام الّا يبرح؛ فحضر الغذاء فتغدّينا وهو ينظر، ثم قدّم الشراب، فلما دارت الأقدام قلت: يعلّق الحجام من العقبين»
! ثم قلت: جعلت فداك! سألني عن المنازل والسكك «٤» التي قدمت عليها وأنا مشغول في ذلك الوقت؛ وأنا أقصها عليك [الآن] فاستمع: خرجت من خراسان وقت كذا، فنزلت كذا ... يا غلام، اضرب! فضربه عشرة أسواط؛ ثم قلت: وخرجت منه إلى مكان كذا ... يا غلام، أوجع! فضربه عشرة أسواط أخرى؛ ولم يزل يضربه لكل سكة عشرة، حتى انتهى إلى سبعين سوطا فالتفت إليّ الحجام وقال: يا سيدي، سألتك باللَّه، إلى أين تريد أن تبلغ؟ قلت: إلى بغداد. قال: لست تبلغ حتى تقتلني. قلت: فأتركك على ألّا تعود؟ قال: واللَّه لا أعود أبدا. قال: فتركته، وأمرت له بسبعين درهما: فلما دخلت على المأمون أخبرته الخبر؛ فقال: وددت أنك بلغت به إلى أن تأتي على نفسه.
[فتوى أبي ضمضم:]
أتت جارية أبا ضمضم فقالت: إن هذا قبّلني. فقال قبّليه، فإنّ اللَّه يقول:
وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ
«٥» .
وارتفع رجلان إلى أبي ضمضم، فقال أحدهما: أبقاك اللَّه، إن هذا قتل ابني.