وهي لا تسلم ولا تردّ ولا تطيق الكلام؛ من غزرة الدمعة، وغمرة العبرة، تختنق بعبرتها، وتتعثر في أثوابها، والناس من خلفها، حتى أتت إلى الحجرة، فأخذت بعضادتي «١» الباب، ثم قالت: السّلام عليك يا نبي الهدى، السّلام عليك يا أبا القاسم، السّلام عليك يا رسول الله وعلى صاحبيك، يا رسول الله؛ أنا ناعية إليك أحظى أحبابك، وذاكرة لك أكرم أودّائك «٢» عليك، قتل والله حبيبك المجتبى، وصفيّك المرتضى، قتل والله من زوجته خير النساء، قتل والله من آمن ووفى، وإني لنادبة ثكلى، وعليه باكية حرّى، فلو كشف عنك الثرى لقلت إنه قتل أكرمهم عليك، وأحظاهم لديك؛ ولو أمرت أن يجيب النداء لك مني ما تعرضت له منذ اليوم، والله يجري الأمور على السداد.
قال المبرد: عزى أحمد بن يوسف الكاتب ولد الربيع، فقال: عظّم أجركم، ورحم الله فقيدكم؛ وجعل لكم من وراء مصيبتكم حالا يجمع شملكم، ويلم شعثكم، ولا يفرق ملأكم.
وقيل لأعرابية مات لها بنون عدّة: ما فعل بنوك؟ قالت: أكلهم دهر لا يشبع.
وعزى رجل الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين، كان لك الأجر لا بك، وكان العزاء لك لا عنك.
[لابن عباس:]
ومما روي أنّ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما نعي إليه ابنه وهو في السفر، فاسترجع ثم قال: عورة سترها الله، ومؤنة كفاها الله، وأجر ساقه الله.
للنبي صلّى الله عليه وسلم في ابنته:
وقال أسامة بن زيد رضي الله عنهما لما عزّي رسول الله صلّى الله عليه وسلم بابنته رقية. قال: