للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مؤمن في ربيع المغنى، وكان يتغنى وينقر في الدواة:

غناؤك يا ربيع أشدّ بردا ... إذا حمي الهجير من الصّقيع

ونقرك في الدّواة أشدّ منه ... فما يصبو إليك سوى رقيع

أغثنا في المصيف إذا تلظى ... ودعنا في الشّتاء وفي الربيع

[باب من الرقائق]

وقد جبل أكثر الناس على سوء الاختيار، وقلة التحصيل والنظر مع لؤم الغرائز، وضعف الهمم. وقلّ من يختار من الصنائع أرفعها، ويطلب من العلوم أنفعها. ولذلك كان أثقل الأشياء عليهم وأبغضها إليهم مئونة التحفظ، وأخفها عندهم وأسهلها عليهم إسقاط المروءة.

وقيل لبعضهم: ما أحلى الأشياء كلها؟ قال الارتكاس «١» .

وقيل لعبد الله بن جعفر: ما أطيب العيش؟ قال: هتك الحياء واتباع الهوى.

وقيل لعمرو بن العاص: ما أطيب العيش؟ قال: ليقم من هنا من الأحداث قال:

فلما قاموا، قال: [أطيب] العيش كله إسقاط المروءة.

وأي شيء أثقل على النفس من مجاهدة الهوى ومكابدة الشهوة؟ ومن ذلك كان سوء الاختيار أغلب على طبائع من حسن الاختيار.

[المبرد وكتابه الروضة]

: ألا ترى أن محمد بن يزيد النحوي- على علمه باللغة ومعرفته باللسان- وضع كتابا سماه بالروضة، وقصد فيه إلى أخبار الشعراء المحدثين، فلم يختر لكل شاعر إلا أبرد ما وجد له، حتى انتهى إلى الحسن بن هانيء- وقلما يأتي له بيت ضعيف، لرقة فطنته، وسبوطة بنيته، وعذوبة ألفاظه- فاستخرج له من البرد أبياتا ما سمعناه ولا رويناها، ولا ندري من أين وقع عليها، وهي: