الآذن فقال: ادخل يا بن طلحة. فلما كشف لي الستر لقيني الحجاج وهو خارج وأنا داخل؛ فاعتنقني وقبّل ما بين يعينيّ، وقال: أمّا إذا جزى الله المتواخيين خيرا بفضل تواصلهما، فجزاك الله عني أفضل الجزاء؛ فو الله لئن سلمت لك لأرفعنّ ناظرك، ولأعلينّ كعبك، ولأتبعنّ الرجال غبار قدميك. قال: فقلت: يهزأ بي وحقّ الكعبة!.
فلما وصلت إلى عبد الملك، أدناني حتى أدناني عن مجلسي الأول؛ ثم قال: يا بن طلحة، لعلّ أحدا شاركك في نصيحتك هذه! قلت: والله يا أمير المؤمنين، ما أعلم أحدا أنصع عندي يدا ولا أعظم معروفا من الحجّاج. ولو كنت محابيا أحدا لغرض دنيا لحابيته. ولكني آثرت الله ورسوله، وآثرتك والمؤمنين عليه. قال: قد علمت أنك لم ترد الدنيا، ولو أردتها لكانت لك في الحّجاج، ولكن أردت الله والدار الآخرة. وقد عزلته عن الحرمين لما كرهت من ولايته عليهما، وأعلمته أنك استنزلتني له عنهما استقلالا لهما؛ وولّيته العراقين وما هنالك من الأمور التي لا يدحضها إلا مثله، وأعلمته أنك استدعيتني إلى ولايته عليهما استزادة له، لألزمه بذلك من حقّك ما يؤدّي إليك عني اجر نصيحتك. فاخرج معه فإنك غير ذامّ لصحبته فخرجت مع الحجاج وأكرمني أضعاف إكرامه.
[وفود رسول المهلب على الحجاج بقتل الأزارقة]
أبو الحسن المدائني قال: لما هزم المهلب بن أبي صفرة قطريّ بن الفجاءة صاحب الأزارقة، بعث إلى مالك بن بشير فقال له: إني موفدك إلى الحجاج فسر فإنما هو رجل مثلك. وبعث إليه بجائزة، فردّها وقال: إنما الجائزة بعد الاستحقاق. وتوجّه.
فلما دخل على الحجّاج، قال له: ما اسمك؟ قال: مالك بن بشير. قال: ملك وبشارة.
كيف تركت المهلّب؟ قال: أدرك ما أمّل وأمّن من خاف. قال: كيف هو بجنده؟
قال: والد رؤوف: قال: فكيف جنده له؟ قال: أولاد بررة. قال: كيف رضاهم