أيها الناس، إن أول كل مركب صعب، وإن أعش فستأتيكم الخطب على وجهها، وسيجعل الله بعد عسر يسرا.
[خطب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه]
خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه أول خطبة خطبها بالمدينة، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه عليه الصلاة والسلام ثم قال:
أيها الناس: كتاب الله وسنّة نبيكم صلّى الله عليه وسلم، أما بعد: فلا يدّعين مدّع إلا على نفسه، شغل من الجنة والنار أمامه. ساع نجا، وطالب يرجو، ومقصّر في النار:
[ثلاثة؛ واثنان] : ملك طار بجناحيه، ونبي أخذ الله بيده، لا سادس. هلك من ادّعى، وردي من اقتحم. اليمين والشمال مضلة، والوسطى والجادّة: منهج عليه أم الكتاب والسنة وآثار النبوة؛ إن الله داوى هذه الأمة بدواءين: السوط والسيف، فلا هوادة عند الإمام فيهما، استتروا ببيوتكم، وأصلحوا ذات بينكم؛ فالموت من ورائكم. من أبدى صفحته للحق هلك. قد كانت أمور لم تكونوا فيها محمودين. أما اني لو أشاء أن أقول لقلت. عفا الله عما سلف. سبق الرجلان وقام الثالث كالغراب، همته بطنه، ويله! لو قص جناحاه وقطع رأسه لكان خيرا له! انظروا، فإن أنكرتم فأنكروا، وإن عرفتم فارووا. حق وباطل، ولكلّ أهل؛ ولئن أمر الباطل لقديما فعل، ولئن قل الحق لربما ولعل؛ ولقلما أدبر شيء فأقبل، ولئن رجعت إليكم أموركم إنكم لسعداء، وإني لأخشى أن تكونوا في فترة، وما علينا إلا الاجتهاد.
وروى فيها جعفر بن محمد رضوان الله عليه:
ألا إن الأبرار عترتي، وأطايب أرومتي، أحلم الناس صغارا، وأعلم الناس كبارا؛ ألا وإنا أهل البيت من علم الله علمنا وبحكم الله حكمنا، ومن قول صادق سمعنا؛ فإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، (وإن لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا) معنا راية الحق، من تبعها لحق، ومن تأخر عنها غرق. ألا وبنا تدرك ترة كل مؤمن وبنا تخلع