للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذهب الرّماح بزوجها فتركنه ... في صدر معتدل القناة مقوّم

يوم خوّ «١»

قال أبو عبيدة: أغارت بنو أسد على بني يربوع فاكتسحوا إبلهم، فأتى الصريخ الحيّ، فلم يتلاحقوا إلا مساء بموضع يقال له خوّ، وكان ذؤاب بن ربيعة الأسدي على فرس أنثى، وكان عتيبة بن الحارث بن شهاب على حصان، فجعل الحصان يستنشق ريح الأنثى في سواد الليل ويتبعها، فلم يعلم عتيبة إلا وقد أقحم فرسه على ذؤاب بن ربيعة الأسدي، وعتيبة غافل لا يبصر ما بين يديه في ظلمة الليل، وكان عتيبة قد لبس درعه وغفل عن جربّانها «٢» حتى أتى الصّريخ فلم يشدّه، ورآه ذؤاب فأقبل بالرمح إلى ثغرة نحره فخر صريعا قتيلا، ولحق الربيع بن عتيبة فشد على ذؤاب فأسره وهو لا يعلم أنه قاتل أبيه، فكان عنده أسيرا حتى فاداه أبوه ربيعة بإبل معلومة قاطعه عليها، وتواعدا سوق عكاظ في الأشهر الحرم أن يأتي هذا بالإبل ويأتي هذا بالأسير، وأقبل أبو ذؤاب بالإبل، وشغل الربيع بن عتيبة فلم يحضر سوق عكاظ، فلما رأى ذلك ربيعة أبو ذؤاب لم يشك أن ذؤابا قد قتلوه بأبيهم عتيبة، فرثاه وقال:

أبلغ قبائل جعفر مخصوصة ... ما إن أحاول جعفر بن كلاب

إنّ المودّة والهوادة بيننا ... حلق كسحق الرّيطة المنجاب «٣»

ولقد علمت على التّجلّد والأسى ... أنّ الرّزية كان يوم ذؤاب «٤»

إن يقتلوك فقد هتكت بيوتهم ... بعتيبة بن الحرث بن شهاب

بأحبّهم فقدا إلى أعدائه ... وأشدّهم فقدا على الأصحاب

فلما بلغهم الشعر قتلوا ذؤاب بن ربيعة.