الزبرقان: والله يا أمير المؤمنين، ما هجيت ببيت قط أشدّ عليّ منه! فبعث إلى حسان ابن ثابت وقال: انظر إن كان هجاه. فقال: ما هجاه، ولكن سلح عليه! - ولم يكن عمر يجهل موضع الهجاء في هذا البيت، ولكنه كره أن يتعرّض لشأنه، فبعث إلى شاعر مثله- وأمر بالحطيئة إلى الحبس، وقال: يا خبيث، لأشغلنّك عن أعراض المسلمين. فكتب إليه من الحبس يقول:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... زغب الحواصل لا ماء ولا شجر «١»
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر
أنت الإمام الذي من بعد صاحبه ... ألقت إليك مقاليد النّهى البشر
ما آثروك بها إذ قدّموك لها ... لكن لأنفسهم قد كانت الإثر «٢»
فأمر بإطلاقه وأخذ عليه ألّا يهجو رجلا مسلما.
[عمر والنجاشي ورهط ابن مقبل:]
ولما هجا النجاشيّ رهط تميم بن مقبل، استعدوا عليه عمر بن الخطاب، وقالوا: يا أمير المؤمنين، إنه هجانا! قال: وما قال فيكم؟ قالوا: قال:
إذا الله عادى أهل لؤم ورقة ... فعادى بني عجلان رهط ابن مقبل
قال عمر: هذا رجل دعا، فإن كان مظلوما استجيب له، وإن لم يكن مظلوما لم يستجب له.
قالوا: فإنه قد قال بعد هذا:
قبيلته لا يخفرون بذمّة ... ولا يظلمون الناس حبّة خردل «٣»
قال عمر: ليت آل الخطاب مثل هؤلاء. قالوا: فإنه يقول بعد هذ: