«٢» ، فإنما أراد به الذي لا يقرأ ولا يكتب، والأمّيّة في النبي صلّى الله عليه وسلم فضيلة: لأنها أدلّ على صدق ما جاء به أنه من عند الله لا من عنده، وكيف يكون من عنده وهو لا يكتب ولا يقرأ ولا يقول الشعر ولا ينشده؟
[المأمون والمنقرى:]
قال المأمون لأبي العلاء المنقرى: بلغني أنك أمّيّ، وأنك لا تقيم الشعر. وأنك تلحن في كلامك! فقال: يا أمير المؤمنين، أما اللحن فربما سبقني لساني بالشيء منه، وأما الأمّيّة وكسر الشعر فقد كان النبي صلّى الله عليه وسلم أمّيّا، وكان لا ينشد الشعر. فقال المأمون: سألتك عن ثلاثة عيوب فيك فزدتني رابعا، وهو الجهل، أما علمت يا جاهل أن ذلك في النبي صلّى الله عليه وسلم فضيلة وفيك وفي أمثالك نقيصة.
[شرف الكتاب وفضلهم]
فمن فضلهم قول الله تعالى على لسان نبيه صلّى الله عليه وسلم: عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ
»
، وقوله تعالى: كِراماً كاتِبِينَ
«٤» ، وقوله: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ
«٥» .
وللكتّاب أحكام بيّنة كأحكام القضاة يعرفون بها وينسبون إليها ويتقلدون التدبير وسياسة الملك دون غيرهم، وبهم يقام أود الدين وأمور العالمين.
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم:
فمن أهل هذه الصناعة: علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكان مع شرفه ونبله وقرابته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم يكتب الوحي، ثم أفضت عليه الخلافة بعد الكتابة،