وصيتي إياك، لا كما أوصى بها يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة حين وجهه إلى المدينة وأمره أن يقتل من ظهر إلى ثنيّة الوداع، وأن يبيحها ثلاثة أيام، ففعل، فلما بلغ يزيد ما فعله تمثل بقول ابن الزبعرى في يوم أحد، حيث قال.
ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل «١»
ثم اكتب إلى أهل مكة بالعفو عنهم والصفح، فإنهم آل الله وجيرانه وسكان حرمه وأمنه، ومنبت القوم والعشيرة، وعظماء البيت والحرم، لا تلحد فيه بظلم؛ فإنه حرم الله الذي بعث منه محمدا نبيه صلّى الله عليه وسلم، وشرف به آباءنا بتشريف الله إيانا؛ فهذه وصيتي، لا كما أوصى به الذي وجّه الحجاج إلى مكة، فأمره أن يضع المجانيق على الكعبة، وأن يلحد في الحرم بظلم، ففعل ذلك، فلما بلغه الخبر تمثل بقول عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
لنا الدنيا ومن أضحى عليها ... ونبطش حين نبطش قادرينا
[عيسى بن موسى ووصيته المنصور:]
الرياشي قال: قال عيسى بن موسى: لما وجّهني المنصور إلى المدينة في حرب بني عبد الله بن الحسن، جعل يوصيني ويكثر، فقلت: يا أمير المؤمنين، إلى كم توصيني؟
وقال معاوية يوما لجلسائه: من أكرم الناس أبا وأمّا، وجدّا وجدة، وعمّا وعمة، وخالا وخالة؟ فقالوا: أمير المؤمنين أعلم. فأخذ بيد الحسن بن علي وقال: هذا؛ أبوه