للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي يد الأمير ما أرى! فضحك وأغمد سيفه. وقال: اجلس، ما كان من حديث الخبيث؟ فقلت له: أيها الأمير، والله ما غششتك منذ استصحبتني ولا كذبتك منذ استخبرتني، ولا خنتك منذ ائتمنتني؛ ثم حدثته؛ فلما صرت إلى ذكر الرجل الذي المال عنده أعرض عني بوجهه، وأومأ «١» إلي بيده، وقال: لا تسمّه. ثم قال: إن للخبيث نفسا، وقد سمع الأحاديث.

[شيء عن الحجاج:]

ويقال: إن الحجاج كان إذا استغرب ضحكا والى بين استغفار، وكان إذا صعد المنبر تلفع بمطرفه «٢» ، ثم تكلم رويدا فلا يكاد يسمع، حتى يتزايد في الكلام فيخرج يده من مطرفه، ثم يزجر الزجرة فيقرع بها أقصى من في المسجد.

[خالد القسري في شأن الحجاج:]

صعد خالد بن عبد الله القسري المنبر في يوم الجمعة وهو إذ ذاك على مكة؛ فذكر الحجاج، فحمد طاعته وأثنى عليه خيرا؛ فلما كان في الجمعة الثانية ورد عليه كتاب سليمان بن عبد الملك، يأمره فيه بشتم الحجاج ونشر عيوبه وإظهار البراءة منه:

فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

إن إبليس كان ملكا من الملائكة، وكان يظهر من طاعة الله ما كانت الملائكة ترى له به فضلا، وكان الله قد علم من غشّه وخبثه ما خفي على ملائكته، فلما أراد الله فضيحته أمره بالسجود لآدم، فظهر لهم ما كان يخفيه عنهم، فلعنوه؛ وإن الحجاج كان يظهر من طاعة أمير المؤمنين ما كنا نرى له به فضلا، وكان الله قد أطلع أمير المؤمنين من غشه وخبثه على ما خفي عنا؛ فلما أراد الله فضيحته أجرى ذلك على يدي أمير المؤمنين، فلعنه، فالعنوه لعنه الله! ثم نزل.