العظيم نبيّه، وجعله خاتم الأيام المعلومات من العشر، ومقدّم الأيام المعدودات من النفر «١» ، يوم حرام من أيام عظام في شهر حرام، يوم الحج الأكبر، يوم دعا الله إلى مشهده، ونزل القرآن العظيم بتعظيمه، قال الله عز وجل: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
«٢» فتقرّبوا إلى الله في هذا اليوم بذبائحكم، وعظّموا شعائر الله، واجعلوها من طيّب أموالكم، وبصحة التقوى من قلوبكم، فإنه يقول: لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ
«٣» .
ثم التكبير والتحميد، والصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم والوصية بالتقوى ثم ذكر الموت، ثم قال:
وما من بعده إلا الجنة أو النار، عظم قدر الدارين، وارتفع جزاء العملين وطالت مدة الفريقين؛ الله الله، فوالله إنه الجدّ لا الّلعب، والحقّ لا الكذب. وما هو إلا الموت والبعث والميزان والحساب والصراط والقصاص والثواب والعقاب. فمن نجا يومئذ فقد فاز، ومن هوى يومئذ فقد خاب، الخير كلّه في الجنة، والشرّ كله في النار.
[وخطبة المأمون في الفطر]
قال بعد التكبير ولتحميد: ألا وإن يومكم هذا يوم عيد وسنّة، وابتهال ورغبة، يوم ختم الله به صيام شهر رمضان، وافتتح به حج بيته الحرام، فجعله [خاتمة الشهر، و] أول أيام شهور الحج، وجعله معقّبا لمفروض صيامكم، ومتنفّل قيامكم، أحلّ الله لكم في الطعام، وحرم عليكم فيه الصيام، فاطلبوا إلى الله حوائجكم، واستغفروه بتفريطكم. فإنه يقال: لا كبير مع ندم واستغفار، ولا صغير مع تماد وإصرار.