أجل، والله إن فينا للينا من غير ضعف، وعزا من غير جبروت؛ وأما أنتم يا بني أمية فإن لينكم غدر، وعزكم كفر، قال معاوية: ما كلّ هذا أردنا يا أبا يزيد. قال عقيل:
لذي اللّبّ «١» قبل اليوم ما تقرع العصا ... وما علّم الإنسان إلا ليعلما
قال معاوية:
وإنّ سفاه الشيخ لا حلم بعده ... وإن الفتى بعد السّفاهة يحلم
وقال معاوية لعقيل بن أبي طالب: لم جفوتنا يا أبا يزيد؟ فأنشأ يقول:
إني آمرؤ مني التكرّم شيمة ... إذا صاحبي يوما على الهون أضمرا
ثم قال: وآيم الله يا معاوية، لئن كانت الدنيا مهّدتك مهادها، وأظلتك بحذافيرها «٢» ومدت عليك أطناب سلطانها- ما ذاك بالذي يزيدك مني رغبة، ولا تخشّعا لرهبة. قال معاوية نعتّها أبا يزيد نعتا هشّ لها قلبي؛ وإني لأرجو أن يكون الله تبارك وتعالى ما ردّاني برداء ملكها، وحباني بفضيلة عيشها، إلا لكرامة ادّخرها لي؛ وقد كان داود خليفة، وسليمان ملكا؛ وإنما هو المثال يحتذى عليه، والأمور أشباه؛ وايم الله يا أبا يزيد، لقد أصبحت علينا كريما، وإلينا حبيبا، وما أصبحت أضمر لك إساءة.
[بين عقيل وامرأة]
: ويقال إن امرأة عقيل وهي بنت عتبة بن ربيعة خالة معاوية قالت لعقيل: يا بني هاشم، لا يحبكم قلبي أبدا؛ أين أبي؟ أين أخي؟ أين عمي؟ كأن أعناقهم أباريق فضة. قال عقيل: إذا دخلت جهنم فخذي على شمالك.
[جواب ابن عباس رضي الله عنهما لمعاوية وأصحابه]
اجتمعت قريش الشام والحجاز عند معاوية وفيهم عبد الله بن عباس؛ وكان جريئا