للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلّما جدّ البكاء به ... زادت الاسقام في بدنه

قيل له: هذا. وأشار إلى العباس بن الاحنف؛ فقال قدّموه! فقدّم عليهم.

[ابو عمرو وجرير]

أبو عمرو بن العلاء قال: نزل جرير وهو مقبل من عند هشام بن عبد الملك فبات عندي إلى الصبح؛ فلما أصبح شخص وخرجت معه أشيّعه، فلما خرجنا من أطناب البيوت التفت إليّ فقال: أنشدني من قول مجنون بني الملوّح، فأنشدته:

وأدنيتني حتى إذا ما سبيتني ... بقول يحلّ العصم سهل الأباطح

... تجافيت عني حين لا لي حيلة ... وغادرت ما غادرت بين الجوانح «١»

فقال: والله لولا أنه لا يحسن بشيخ مثلي الصراخ، لصرخت صرخة سمعها هشام على سريره.

وهذا من أرق الشعر كله وألطفه، لولا التضمين الذي فيه، والتضمين: أن يكون البيت معلّقا بالبيت الثاني، لا يتم معناه إلا به، وإنما يحمد البيت إذا كان قائما بنفسه.

[ابن الاحنف وابن الملوح]

وقال العباس بن الاحنف نظير قول المجنون بلا تضمين، وهو قوله:

أشكو الذين أذاقوني مودّتهم ... حتى إذا أيقظوني بالهوى رقدوا

[الرشيد والاصمعي]

وقال الاصمعي: دخلت على هارون الرشيد، فوجدته منغمسا في الفرش، فقال:

ما أبطأ بك يا أصمعي؟ قلت: احتجمت يا أمير المؤمنين. قال: فما اكلت عليها؟

قلت: سكباجة وطباهجة «٢» ، قال: رميتها بحجرها! أتشرب؟ فقلت. نعم؛ وقلت.