قال: أتاك النجاح. وأمر له بعشرة آلاف درهم. ثم قال: حدّثني حديثا ترويه عن أبي مهديّة مستظرفا. قلت: يا أمير المؤمنين، حدّثني الأصمعي قال: قال لي أبو مهدية: بلغني أن الأعراب والأعزاب سواء في الهجاء. قلت: نعم. قال: فاقرأ:
الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً
ولا تقرأ: الأعراب، ولا يغرّنك العزب وإن صام وصلى! فضحك الواثق حتى شغر برجله «١» ، وقال: لقد لقي أبو مهدية من العزبة شرا. وأمر لي بخمسمائة دينار.
[الوافدات على معاوية وفود سودة ابنة عمارة على معاوية]
عامر الشعبي قال: وفدت سودة بنت عمارة بن الأشتر الهمدانية على معاوية بن أبي سفيان، فاستأذنت عليه فأذن لها، فلما دخلت عليه سلّمت عليه، فقال لها: كيف أنت يا بنة الأشتر؟ قالت: بخير يا أمير المؤمنين. قال لها: أنت القائلة لأخيك:
شمّر كفعل أبيك يا بن عمارة ... يوم الطّعان وملتقى الأقران
إنّ الإمام أخا النبيّ محمد ... علم الهدى ومنارة الإيمان
فقد الجيوش وسر أمام لوائه ... قدما بأبيض صارم وسنان
قالت: يا أمير المؤمنين، مات الرأس، وبتر الذنب؛ فدع عنك تذكار ما قد نسي. قال: هيهات، ليس مثل مقام أخيك ينسى. قالت: صدقت والله يا أمير المؤمنين، ما كان أخي خفيّ المقام، ذليل المكان، ولكن كما قالت الخنساء:
وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به ... كأنّه علم في رأسه نار
وبالله أسأل يا أمير المؤمنين إعفائي مما استعفيته. قال: قد فعلت، فقولي حاجتك. قالت: يا أمير المؤمنين، إنك للناس سيد، ولأمورهم مقلّد، والله سائلك