للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال للجارية: لمن هذا الشعر؟ قالت: لمولاتي. فأخذ قرطاسا فكتبه وخرج به، فإذا هو بعبد الله بن عمر بن الخطاب، فقال: يا أبا عبد الرحمن، قف قليلا أكلّمك.

فوقف عبد الله بن عمر، قال: ما ترى فيمن هجاني بهذا الشعر؟ وأنشد البيتين. قال:

أرى أن تعفو وتصفح. قال: أما والله لئن لقيته لأنيكنّه! فأخذ ابن عمر ينكله ويزجره، وقال: قبّحك الله! ثم لقيه بعد ذلك بأيام، فلما أبصره ابن عمر أعرض عنه بوجهه، فاستقبله ابن أبي عتيق فقال له: سألتك بالقبر ومن فيه إلا سمعت مني حرفين. فولاه قفاه وأنصت له، قال: علمت أبا عبد الرحمن أني لقيت قائل ذلك الشعر ونكته. فصعق عبد الله ولبط «١» به فلما رأى ما نزل به دنا من أذنه وقال:

أصلحك الله، إنها امرأتي. فقام ابن عمر وقبل ما بين عينيه.

[باب في الصمت]

كان لقمان الحكيم يجلس إلى داود صلى الله عليه وسلم مقتبسا، وكان عبدا أسود، فوجده وهو يعمل درعا من حديد، فعجب منه، ولم ير درعا قبل ذلك، فلم يسأله لقمان عما يعمل، ولم يخبره داود، حتى تمت الدرع بعد سنة، فقاسها داود على نفسه، وقال: زرد طافا ليوم قرافا. تفسيره: درع حصينة ليوم قتال؛ فقال لقمان: الصمت حكم وقليل فاعله.

وقال أبو عبيد الله كاتب المهديّ: كن على التماس الحظ بالسكوت أحرص منك على التماسه بالكلام؛ إن البلاء موكّل بالمنطق.

وقال أبو الدّرداء: أنصف أذنيك من فيك، فإنما جعل لك أذنان اثنتان وفم واحد لتسمع أكثر مما تقول.

ابن عوف عن الحسن، قال: جلسوا عند معاوية فتكلموا وسكت الأحنف فقال معاوية: مالك لا تتكلم أبا بحر، قال: أخافك إن صدقت وأخاف الله إن كذبت.