: قال يزيد: حدّثني أبي أنّ عمر بن الخطاب لما قدم الشام قدم على حمار ومعه عبد الرحمن بن عوف على حمار، فتلقّاهما معاوية في موكب ثقيل، فجاوز عمر معاوية حتى أخبر به، فرجع إليه. فلما قرب منه نزل إليه، فأعرض عنه، فجعل يمشي إلى جنبه راجلا. فقال له عبد الرحمن بن عوف: أتعبت الرجل. فأقبل عليه عمر فقال:
يا معاوية، أنت صاحب الموكب آنفا مع ما بلغني من وقوف ذوي الحاجات ببابك؟
قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ولم ذاك؟ قال: لأنا في بلد لا نمتنع فيها من جواسيس العدوّ ولا بدّ لهم مما يرهبهم من هيبة السلطان؛ فإن أمرتني بذلك أقمت عليه، وإن نهيتني عنه انتهيت. فقال: لئن كان الذي تقول حقا فإنه رأي أريب «١» ؛ وإن كان باطلا خدعة أديب، وما آمرك به ولا أنهاك عنه. فقال عبد الرحمن بن عوف: لحسن ما صدر هذا الفتى عما أوردته فيه! فقال: لحسن موارده جشّمناه ما جشّمناه «٢» .
[الربيع الحارثي في حضرة ابن الخطاب]
: وقال الربيع بن زياد الحارثيّ: كنت عاملا لأبي موسى الأشعري على البحرين.
فكتب إليه عمر بن الخطاب يأمره بالقدوم عليه هو وعمّاله وأن يستخلفوا من هو من ثقاتهم حتى يرجعوا. فلما قدمنا أتيت يرفأ «٣» ، فقلت: يا يرفأ، ابن سبيل مسترشد، أخبرني أيّ الهيئات أحبّ إلى أمير المؤمنين أن يرى فيها عمّاله؟ فأومأ إلى الخشونة. فأخذت خفّين مطارقين «٤» ، ولبست جبّة صوف، ولثت رأسي. بعمامة دكناء. ثم دخلنا على عمر، فصفّنا بين يديه وصعّد فينا نظره وصوّب «٥» ، فلم تأخذ عينه أحدا غيري، فدعاني؛ فقال: من أنت؟ قلت: الربيع بن زياد الحارثي. قال: وما تتولى من أعمالنا؟ قلت: البحرين. قال: فكم ترزق؟ قلت: خمسة دراهم في كل