وقال مسلم بن الوليد صريع الغواني لمحمد بن منصور بن زياد:
أبا حسن قد كنت قدّمت نعمة ... وألحقت شكرا ثم أمسكت وانيا «١»
فلا ضير لم تلحقك مني ملامة ... أسأت بنا عودا وأحسنت باديا
فأقسم لا أجزيك بالسّوء مثله ... كفى بالذي جازيتني لك جازيا
وقال سليمان الأعمى، وهو أخو صريع الغواني، في سليمان بن علي:
يا سوءة يكبر الشيطان إن ذكرت ... منها العجائب جاءت من سليمانا
لا تعجبنّ بخير زلّ عن يده ... فالكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا
[من ضن أولا ثم جاد آخرا]
قدم الحارث بن خالد المخزوميّ على عبد الملك فلم يصله، فرجع وقال فيه:
صحبتك إذ عيني عليها غشاوة ... فلما انجلت قطّعت نفسي ألومها
حبست عليك النّفس حتّى كأنّما ... بكفّيك يجري بؤسها ونعيمها
فبلغ قوله عبد الملك، فأرسل إليه فردّه وقال: أرأيت عليك غضاضة «٢» من مقامك ببابي؟ قال: لا، ولكني اشتقت إلى أهلي ووطني، ووجدت فضلا من القول فقلت، وعليّ دين لزمني. قال: وكم دينك؟ قال ثلاثون ألفا. قال: فقضاء دينك أحبّ إليك أم ولاية مكة؟ قال: بل ولاية مكة. فولاه إياها.
وقدم الحطيئة المدينة فوقف إلى عتيبة بن النهاس العجليّ، فقال: أعطني. فقال:
مالك عندي حقّ فأعطيكه، وما في مالي فضل عن عيالي فأعود به عليك. فخرج عنه مغضبا، وعرّفه به جلساؤه، فأمر بردّه، ثم قال له: يا هذا، إنك وقفت إلينا فلم تستأنس ولم تسلّم، وكتمتنا نفسك، كأنك الحطيئة؟ قال: هو ذلك. قال: اجلس فلك عندنا كلّ ما تحب، فجلس فقال له: من أشعر الناس؟ قال الذي يقول: