كلها يوم خزاز «١» ، ففض جموع اليمن وهزمهم، فاجتمعت عليه معد كلها، وجعلوا له قسم الملك وتاجه ونجيبته «٢» وطاعته فغبر بذلك حينا من دهره. ثم دخله ز هو شديد، وبغى على قومه لما هو فيه من عزه، وانقياد معدّ له، حتى بلغ من بغيه انه كان يحمي مواقع السحاب فلا يرعى حماه، ويجير على الدهر فلا تخفر ذمّته، ويقول:
وحش ارض كذا في جواري! فلا يهاج، ولا تورد إبل احد مع ابله، ولا توقد نار مع ناره، حتى قالت العرب: اعز من كليب وائل.
وكانت بنو جشم وبنو شيبان في دار واحدة بتهامة، وكان كليب بن وائل قد تزوّج جليلة بنت مرة بن ذهل بن شيبان، وأخوها جساس بن مرة، وكانت البسوس بنت منقذ التميمية خالة جساس بن مرة، وكانت نازلة في بني شيبان مجاورة لجساس، وكان لها ناقة يقال لها سراب، ولها تقول العرب: أشأم من سراب، وأشأم من البسوس! فمرّت إبل لكليب بسراب ناقة البسوس، وهي معقولة بفناء بيتها، جوار جساس بن مرة، فلما رأت سراب الابل نازعت عقالها حتى قطعته، وتبعت الإبل واختلطت بها، حتى انتهت إلى كليب وهو على الحوض، معه قوس وكنانة، فلما رآها أنكرها، فانتزع «٣» لها سهما فخرم «٤» ضرعها فنفرت الناقة وهي ترغو، فلما رأتها البسوس قذفت خمارها عن رأسها وصاحت: واذلّاه! واجاراه! واخرجت.
[مقتل كليب بن وائل]
فأحمست جسّاسا، فركب فرسا له مغرورا به، فأخذ آلته، وتبعه عمرو بن الحارث بن ذهل بن شيبان على فرسه، ومعه رمحه، حتى دخلا على كليب الحمى، فقال له: يا أبا الماجدة، عمدت إلى ناقة جارتي، فعقرتها! فقال له: أتراك ما نعي