الشيباني قال: خرج أبو العباس أمير المؤمنين متنزها بالأنبار، فأمعن في نزهته وانتبذ من أصحابه؛ فوافى خباء لأعرابي، فقال له الأعرابي: ممن الرجل؟ قال: من كنانة. قال: من أي كنانة؟ قال: من أبغض كنانة إلى كنانة. قال: فأنت إذا من قريش! قال: نعم. قال: فمن أي قريش! قال: من أبغض قريش إلى قريش، قال:
فأنت إذا من ولد عبد المطلب! قال: نعم. قال: فمن أي ولد عبد المطلب؟ قال: من أبغض ولد عبد المطلب إلى ولد عبد المطلب. قال: فأنت إذا أمير المؤمنين، السلام عليك يا أمير المؤمنين! ووثب إليه، فاستحسن ما رأى منه وأمر له بجائزة.
الشيباني قال: خرج الحجاج متصيدا بالمدينة، فوقف على أعرابي يرعى إبلا له، فقال له: يا أعرابي، كيف رأيت سيرة أميركم الحجاج؟ قال له الأعرابي: غشوم ظلوم! لا حيّاه الله! فقال: فلم لا شكوتموه إلى أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال: فأظلم وأغشم! فبينا هو كذلك إذ أحاطت به الخيل، فأومأ الحجاج إلى الأعرابي، فأخذ وحمل؛ فلما صار معه قال: من هذا؟ قالوا له: الحجاج! فحرك دابته حتى صار بالقرب منه، ثم ناداه: يا حجاج! قال: ما تشاء يا أعرابي؟ قال: السر الذي بيني وبينك أحب أن يكون مكتوما! قال: فضحك الحجاج وأمر بتخلية سبيله.
[يوسف بن عمر ووال:]
الأصمعي قال: ولّى يوسف بن عمر صاحب العراق أعرابيّا على عمل له؛ فأصاب عليه خيانة فعزله، فلما قدم عليه قال له: يا عدوّ الله! أكلت مال الله! قال الأعرابي: فمال من آكل إذا لم آكل مال الله؟ لقد راودت إبليس أن يعطيني فلسا واحدا فما فعل. فضحك منه وخلى سبيله.