حدث السنّ فخرجوا من عنده وقالوا: هذا حدث. فأتوا عمرو بن سعيد بن العاص، فقالوا له: ارفع رأسك لهذا الأمر. فرأوه حدثا، فجاءوا إلى خالد بن يزيد ابن معاوية، فقالوا له: ارفع رأسك لهذا الأمر. فرأوه حدثا حريصا على هذا الأمر؛ فلما خرجوا من عنده قالوا: هذا حدث. فأتوا مروان بن الحكم، فإذا عنده مصباح، وإذا هم يسمعون صوته بالقرآن، فاستأذنوا ودخلوا عليه، فقالوا: يا أبا عبد الملك، ارفع رأسك لهذا الأمر. فقال: استخيروا الله، واسألوا أن يختار لأمّة محمد صلّى الله عليه وسلم خيرها وأعدلها. فقال له روح بن زنباع: إن معي أربعمائة من جذام، فأنا آمرهم أن يتقدّموا في المسجد غدا، ومر أنت ابنك عبد العزيز أن يخطب الناس ويدعوهم إليه؛ فإذ فعل ذلك تنادوا من جانب المسجد: صدقت، صدقت! فيظنّ الناس أنّ أمرهم واحد ...
فلما اجتمع الناس، قام عبد العزيز فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما أحد أولى بهذا الأمر من مروان كبير قريش وسيدها، والذي نفسي بيده، لقد شابت ذراعاه من الكبر. فقال الجذاميون: صدقت صدقت! فقال خالد بن يزيد: أمر دبّر بليل.
فبايعوا مروان بن الحكم، ثم كان من أمره مع الضحاك بن قيس بمرج راهط ما سيأتي ذكره بعد هذا في دولة بني مروان.
[دولة بني مروان ووقعة مرج راهط]
أبو الحسن قال: لما مات معاوية بن يزيد، اختلف الناس بالشام، فكان أول من خالف من أمراء الأجناد النعمان بن بشير الأنصاري، وكان على حمص فدعا لابن الزبير، فبلغ خبره زفر بن الحرث الكلابي وهو بقنّسرين، فدعا إلى ابن الزبير أيضا بدمشق سرا، ولم يظهر ذلك لمن بها من بني أمية وكلب؛ وبلغ ذلك حسان بن مالك ابن بحدل الكلبي وهو بفلسطين؛ فقال لروح بن زنباع: إني أرى أمراء الأجناد يبايعون