وقال ابن الكلبي: قال لي خالد العنبري: ما تعدّون السّودد؟ قلت: أمّا في الجاهلية فالرّياسة، وأما في الإسلام فالولاية، وخير من ذا وذلك التقوى. قال: صدقت. كان أبي يقول: لم يدرك الأوّل الشرف إلا بالعقل، ولم يدرك الآخر إلا بما أدرك به الأول. قلت له: صدق أبوك، وإنما ساد الأحنف ابن قيس بحلمه، ومالك بن مسمع بحبّ العشيرة له، وقتيبة بن مسلم بدهائه؛ وساد المهلّب بهذه الخلال كلها.
الأصمعي قال: قيل لأعرابي يقال له منتجع بن نبهان: ما السّميدع؟ قال: السيد الموطأ الأكناف.
وكان عمر بن الخطاب يفرش له فراش في بيته في وقت خلافته، فلا يجلس عليه أحد إلا العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن حرب.
قال النبي صلّى الله عليه وسلم لأبي سفيان: كل الصّيد في جوف الفرا؛ والفرا: الحمار الوحشي، وهو مهموز، وجمعه فراء. ومعناه أنه في الناس مثل الحمار الوحشي في الوحش.
[رأي عمرو بن العاص في أخيه هشام:]
ودخل عمرو بن العاص مكة، فرأى قوما من قريش قد تحلّقوا حلقة، فلما رأوه رموا بأبصارهم إليه، فعدل إليهم فقال: أحسبكم كنتم في شيء من ذكري. قالوا:
أجل، كنا نماثل بينك وبين أخيك هشام. أيكما أفضل. فقال عمرو. إن لهشام عليّ أربعة: أمه ابنة هشام بن المغيرة، وأمّي من قد عرفتم. وكان أحبّ الناس إلى أبيه مني، وقد عرفتم معرفة الوالد بالولد. وأسلم قبلي. واستشهد وبقيت.
قال قيس بن عاصم لبنيه لما حضرته الوفاة: احفظوا عني، فلا أحد أنصح لكم مني؛ إذا أنا متّ فسوّدوا كباركم ولا تسوّدوا صغاركم فيحقر الناس كباركم.
وقال الأحنف بن قيس: السودد مع السواد.
وهذا المعنى يحتمل وجهين من التفسير: أحدهما أن يكون أراد بالسواد سواد