قال: وهجا نهار بن توسعة قتيبة بن مسلم، وكان ولي خراسان بعد يزيد بن المهلّب، فقال:
كانت خراسان أرضا إذ يزيد بها ... وكلّ باب من الخيرات مفتوح
فبدّلت بعده قردا نطوف به ... كأنما وجهه بالخلّ منضوح «١»
فطلبه فهرب منه، ثم دخل عليه بكتاب أمّه؛ فقال: ويحك! بأي وجه تلقاني؟
قال: بالوجه الذي ألقى به ربّي، وذنوبي إليه أكثر من ذنوبي إليك. فقرّبه ووصله وأحسن إليه.
[المنصور وابن فضالة:]
وأقبل المنصور يوما راكبا والفرج بن فضالة جالس عند باب الذّهب، فقام الناس إليه ولم يقم. فاستشاط المنصور غيظا وغضبا، ودعا به فقال: ما منعك من القيام مع الناس حين رأيتني؟ قال: خفت أن يسألني الله تعالى: لم فعلت؟ ويسألك عنه: لم رضيت؟ وقد كرهه رسول الله صلّى الله عليه وسلم فسكن غضبه وقرّبه وقضى حوائجه.
[المأمون وابن أكثم:]
يحيى بن أكثم، قال: إني عند المأمون يوما، حتى أتي برجل ترعد فرائصه «٢» ، فلما مثل بين يديه قال له المأمون: كفرت نعمتي ولم تشكر معروفي! قال: يا أمير المؤمنين، وأين يقع شكري في جنب ما أنعم الله بك عليّ؟ فنظر إليّ وقال متمثّلا:
فلو كان يستغني عن الشكر ماجد ... لكثرة مال أو علوّ مكان
لما ندب الله العباد لشكره ... فقال اشكروا لي أيها الثّقلان «٣»