كان الفجار الثاني بين قريش وهوازن، وكان الذي هاجه أن فتية من قريش قعدوا إلى امرأة من بني عامر بن صعصعة وضيئة «١» وحسانة بسوق عكاظ. وقالوا:
بل طاف بها شباب من بني كنانة وعليها برقع وهي في درع «٢» فضل، فأعجبهم ما رأوا من هيئتها، فسألوها أن تسفر عن وجهها فأبت عليهم، فأتى أحدهم من خلفها فشد دبر درعها بشوكة إلى ظهرها وهي لا تدري، فلما قامت تقلص الدرع عن دبرها، فضحكوا وقالوا: منعتنا النظر إلى وجهها فقد رأينا دبرها! فنادت المرأة يا آل عامر! فتحاور الناس، وكان بينهم قتال ودماء يسيرة، فحملها حرب بن أمية وأصلح بينهم.
[الفجار الثالث]
وهو بين كنانة وهوازن: وكان الذي هاجه أن رجلا من بني كنانة كان عليه دين لرجل من بني نصر بن معاوية، فأعدم الكناني، فوافى النصري بسوق عكاظ بقرد فأوقفه في سوق عكاظ، وقال: من يبيعني مثل هذا بمالي على فلان! حتى أكثر من ذلك، وإنما فعل ذلك النصري تعييرا للكناني ولقومه، فمرّ به رجل من بني كنانة فضرب القرد بسيفه فقتله، فهتف النصري: يا آل هوازن! وهتف الكناني: يا آل كنانة! فتهايج الناس حتى كاد أن يكون بينهم قتال، ثم رأوا الخطب يسيرا فتراجعوا ولم يفقم الشر بينهم.
قال أبو عبيدة: فهذه الأيام تسمى فجارا، لأنها كانت في الأشهر الحرم، وهي الشهور التي يحرّمونها ففجروا فيها، فلذلك سميت فجارا وهذه يقال لها الفجار الأول.