ودخل بعض الرواة على المهدي، فقال له: أنشدني قول زهير:
لمن الديار بقنّة الحجر
فأنشدها حتى أتى على آخرها. فقال له المهدي: ذهب والله من كان يقول هذا.
فقال له: كما ذهب والله من كان يقال فيه، فاستجهله واستحمقه.
[المأمون وقطرب:]
ولما رفع قطرب النحويّ كتابه في القرآن إلى المأمون، أمر له بجائزة وأذن له، فلما دخل عليه قال: قد كانت عدة أمير المؤمنين أرفع من جائزته، فغضب المأمون وهمّ به، فقال له سهل بن هارون: يا أمير المؤمنين، إنه لم يقل بذات نفسه، وإنما غلب عليه الحصر «١» : ألا تراه كيف يرشح جبينه ويكسر أصابعه! فسكن غضب المأمون واستجهله واستحمقه.
وكان الحسن اللؤلؤي ليلة عند المأمون بالرّقّة وهو يسامره، إذ نعس المأمون والحسن يحدّثه، فقال له: نعست يا أمير المؤمنين فانتبه! فقال: سوقي وربّ الكعبة! يا غلام، خذ بيده.
ودخل أبو النجم على هشام بن عبد الملك بأرجوزته التي أوّلها:
الحمد لله الوهوب المجزل
وهي من أجود شعره! فلما أتى على قوله:
والشمس في الجوّ كعين الأحول
غضب هشام، وكان أحول، فأمر بصفع قفاه وإخراجه.
ودخل كثيّر عزّة على يزيد بن عبد الملك، فبينا هو يحدّثه إذ قال: يا أمير المؤمنين، ما معنى قول الشمّاخ: