فكأني أراك على عصاك هذه وقد انكفأ عليك العسكران يقولون: هذه عكرشة بنت الأطرش بن رواحة. فإن كدت لتقتلين أهل الشام لولا قدر الله، وكان أمر الله قدرا مقدورا، فما حملك على ذلك؟ قالت: يا أمير المؤمنين قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ
«١» وإن اللبيب إذا كره أمرا لا يحب إعادته، قال: صدقت، فاذكري حاجتك. قالت: إنه كانت صدقاتنا تؤخذ من أغنيائنا فتردّ على فقرائنا؛ وإنّا قد فقدنا ذلك، فما يجبر لنا كسير؛ ولا ينعش لنا فقير؛ فإن كان ذلك عن رأيك فمثلك تنبّه من الغفلة وراجع التوبة، وإن كان عن غير رأيك فما مثلك استعان بالخونة ولا استعمل الظّلمة.
قال معاوية: يا هذه، إنه ينوبنا من أمور رعيّتنا أمور تنبثق، وبحور تنفهق «٢» .
قالت: يا سبحان الله. والله ما فرض الله لنا حقا فجعل فيه ضررا على غيرنا، وهو علام الغيوب.
قال معاوية: يا أهل العراق، نبّهكم عليّ بن أبي طالب فلم تطاقوا! ثم أمر بردّ صدقاتهم فيهم وإنصافهم.
[قصة درامية الحجونية مع معاوية رحمه الله تعالى]
سهل بن أبي سهل التميمي عن أبيه قال: حج معاوية، فسأله عن امرأة من بني كنانة كانت تنزل بالحجون، يقال له دارمية الحجونية؛ وكانت سوداء كثيرة اللحم، فأخبر بسلامتها؛ فبعث إليها فجيء بها؛ فقال: ما حالك يا بنة حام؟ فقالت: لست لحام إن عبتني؛ أنا امرأة من بني كنانة. قال: صدقت. أتدرين لم بعثت إليك؟
قالت: لا يعلم الغيب إلا الله. قال: بعثت إليك لأسألك: علام أحببت علياّ وأبغضتني؛ وواليته وعاديتني؟ قالت: أو تعفني. قال: لا أعفيك. قالت: أما إذ أبيت، فإني أحببت عليّا على عدله في الرعية، وقسمه بالسويّة؛ وأبغضتك على قتال