إملائه؛ فقال له: اكتب يا حمار! فقال له الكاتب: أصلح الله الأمير، إنه لما هطلت شآبيب الكلام، وتدافعت سيوله على حرف القلم، كلّ القلم عن إدراك ما وجب عليه تقييده. فكان حضور جواب الكاتب أبلغ من بلاغة يزيد.
وقال له يوما وقد مط حرفا في غير موضعه: ما هذا؟ قال: طغيان في القلم.
[ما يحتاج إليه الكاتب:]
فإن كان لابد لك من طلب أدوات الكتابة، فتصفح من رسائل المتقدمين ما يعتمد عليه، ومن رسائل المتأخرين ما يرجع إليه، ومن نوادر الكلام ما تستعين به، ومن الأشعار والأخبار والسير والأسمار ما يتسع به منطقك، ويطول به قلمك؛ وانظر في كتب المقامات والخطب، ومجاوبة العرب، ومعالى العجم، وحدود المنطق وأمثال الفرس ورسائلهم وعهودهم، وسيرهم، ووقائعهم، ومكايدهم في حروبهم بعد أن تكون متوسطا علم النحو والغريب، والوثائق والسور، وكتب السجلات والأمانات؛ لتكون ماهرا، تنتزع آي القرآن في مواضعها؛ واختلاف الأمثال في أماكنها؛ وقرض الشعر الجيد وعلم العروض؛ فإن تضمين المثل السائر، والبيت الغابر البارع، مما يزين كتابك، ما لم تخاطب خليفة أو ملكا جليل القدر فإن اجتلاب الشعر في كتب الخلفاء عيب، إلا أن يكون الكاتب هو القارض للشعر والصانع له، فإن ذلك يزيد في أبّهته.
[خبر حائك الكلام]
أبو جعفر البغدادي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: لما رجع المعتصم من الثغر وصار بناحية الرقة، قال لعمرو بن مسعدة: ما زلت تسألني في الرّخّجي «١» حتى وليته