والحسن يقفوهما، فلم يشعر ابن عائشة إلا وهما آخذان بضبعيه؛ فقال: من هذا؟ فقال له الحسن: أنا هذا يا بن عائشة! قال: لبيك وسعديك، وبأبي أنت وأمي! قال: اسمع مني ما أقول، واعلم انك مأسور في أيديهما وهما حرّان [وقد أقسمت] إن لم تغنّ مائة صوت أن يطرحاك في العقيق وهما حرّان، وإن لم يفعلا ذلك لأقطعنّ أيديهما! فصاح ابن عائشة: واويلاه! وأعظم مصيبتاه! قال دع من صياحك وخذ فيما ينفعنا.
قال: اقترح وأقم من يحصي! وأقبل يغني، فترك الناس العقيق وأقبلوا عليه، فلما تمت أصواته مائة، كبّر الناس بلسان واحد تكبيرة واحدة ارتجت لها أقطار المدينة، وقالوا للحسن: صلّى الله على جدّك حيا وميتا؛ فما اجتمع لاهل المدينة؛ وقالوا للحسن:
صلى الله على جدّك حيا وميتا؛ فما اجتمع لاهل المدينة سرور قط إلا بكم أهل البيت! فقال الحسن إنما فعلت هذا بك يابن عائشة لاخلاقك الشّكسة! قال له ابن عائشة: والله ما مرت عليّ مصيبة أعظم منها، لقد بلغت اطراف أعضائي. فكان بعد ذلك إذا قيل له: ما أشدّ ما مر عليك؟ قال: يوم العقيق.
[ابن المهدي]
وكان ابراهيم بن المهدي- وهو الذي يقال له ابن شكلة- داهيا عاقلا عالما بأيام الناس شاعرا مفلقا، وكان يصوغ فيجيد.
[مخالفته على المأمون]
ويروى عن ابراهيم انه قد كان خالف على المأمون ودعا إلى نفسه، فظفر به المأمون فعفا عنه، وقال: لما ظفر به المأمون:
ذهبت من الدّنيا كما ذهبت مني ... هوى الدهر بي عنها وأهوى بها عني
فإن أبك نفسي أبك نفسا عزيزة ... وإن أحتبسها أحتبسها على ضنّ «١»
[هو والمأمون]
فلما فتحت له أبواب الرضا من المأمون، غنى بهما بين يديه؛ فقال له المأمون: