للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فمن لي بأن تفي أنت؟ قال: أرهنك قوسي. فلما جاء بها ضحك من حوله وقالوا: لهذه العصا يفي! قال كسرى: ما كان ليسلمها لشيء أبدا. فقبصها منه، وأذن لهم أن يدخلوا الريف.

ومات حاجب بن زرارة، فارتحل عطارد بن حاجب إلى كسرى يطلب قوس أبيه؛ فقال له: ما أنت الذي رهنتها! قال: أجل. قال: فما فعل؟ قال. هلك، وهو أبي، وقد وفى له قومه ووفى هو للملك. فردّها عليه وكساه حلة.

فلما وفد إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم عطارد بن حاجب، وهو رئيس تميم، وأسلم على يديه، أهداها للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فلم يقبلها؛ فباعها من رجل من اليهود بأربعة آلاف درهم.

ثم إن مضر أتت النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا رسول الله، هلك قومك وأكلتهم الضّبع.

يريدون الجوع- والعرب يسمّون السّنة الضّبع والذئب. قال جرير:

من ساقه السنة الحصّاء والذّيب «١»

فدعا لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم فأحيوا، وقد كان دعا عليهم فقال: اللهم اشدد وطأتك على مضر، وابعث عليهم سنين كسني يوسف.

[وفود أبي سفيان إلى كسرى]

الأصمعي قال: حدثنا عبد الله بن دينار عن عبد الله بن بكر المرّي، قال: قال أبو سفيان: أهديت لكسرى خيلا وأدما، فقبل الخيل وردّ الأدم، وأدخلت عليه فكأنّ وجهه وجهان من عظمه، فألقى إليّ مخدّة كانت عنده، فقلت: واجوعاه! أهذه حظّى من كسري بن هرمز؟ قال: فخرجت من عنده، فما أمرّ على أحد من حشمه إلا أعظمها، حتى دفعت إلى خازن له: فأخذها وأعطاني ثمانمائة إناء من فضة وذهب.

قال الأصمعي؛ فحدثت بهذا الحديث النّوشجان الفارسي، فقال: كانت وظيفة المخدّة ألفا، إلا أن الخازن اقتطع منها مائتين.