طرب للصوتين ولم يندّ لي بشيء، قلت: هو الثالث وإلا فعليه السلام. قال: فغنيته الثالث من غناء ابن سريج قول عمر بن أبي ربيعة، ويقال إنها لجميل:
ما زلت أمتحن الدّساكر دونها ... حتى ولجت على خفيّ المولج «١»
فوضعت كفّي عند مقطع خصرها ... فتنفّست نفسا ولم تتلهّج
قالت: وحقّ أخي وحرمة والدي ... لأنبّهنّ الحيّ إن لم تخرج
فخرجت خيفة قولها فتبسّمت ... فعلمت أن يمينها لم تحرج
فرشفت فاها آخذا بقرونها ... رشف النزيف ببرد ماء الحشرج
فصاح الهاشمي: أوّه! أحسن والله وأحسنت! وأمر لي بألف درهم وثلاثين حلة وخلعة كانت عليه.
وغنى ابن سريج رجلا من بني هاشم بقول جرير:
بعثن الهوى ثم ارتمين قلوبنا ... بأسهم أعداء وهنّ صديق
وما ذقت طعم العيش منذ نأيتم ... وما ساغ لي بين الجوانح ريق
قال: فخطف من ثوبه ذراعا، وقال: هذا والله العقيان في نحور القيان!
[مديني وجارية تغني]
: قال: وصحب شيخ من أهل المدينة شابّا في سفينة ومعهم جارية تغني، فقال له:
إن معنا جارية تغني، ونحن نجلّك؛ فإذا أذنت لنا فعلنا. قال: فأنا أعتزل وافعلوا ما شئتم. فتنحّى وغنت الجارية:
حتى إذا الصّبح بدا ضوؤه ... وغابت الجوزاء والمرزم «٢»
أقبلت والوطء خفيّ كما ... ينساب من مكمنه الأرقم «٣»
فرمى الناسك بنفسه في الفرات وجعل يخبط بيديه ويقول: أنا الأرقم! فأخرجوه