معاذ ربّي أن نبقى ونفقده ... وأن نكون لراع بعده تبعا
قال: لا والله يا أمير المؤمنين، ما هكذا قلت، وإنما قلت:
معاذ ربّي أن نبقى ونفقدهم ... وأن نكون لراع بعدهم تبعا
فنظر إليه سليمان واستضحك، فأمر له بصلة وخلّى سبيله.
[شريك والربيع بين يدي المهدي:]
العتبي قال: كان بين شريك القاضي والربيع حاجب المهدي، معارضة؛ فكان الربيع يحمل عليه المهديّ فلا يلتفت إليه، حتى رأى المهديّ في منامه شريكا القاضي مصروفا وجهه عنه، فلما استيقظ من نومه دعا الربيع وقصّ عليه رؤياه. فقال: يا أمير المؤمنين، إن شريكا مخالف لك وإنه فاطميّ محض. قال المهدي: عليّ به؛ فلما دخل عليه قال له: يا شريك، بلغني أنك فاطميّ. قال له شريك: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تكون غير فاطمي، إلا أن تعني فاطمة بنت كسري. قال: ولكني أعني فاطمة بنت محمد صلّى الله عليه وسلم. قال: أفتلعنها يا أمير المؤمنين؟ قال: معاذ الله! قال: فماذا تقول فيمن يلعنها؟ قال: عليه لعنة الله. قال: فالعن هذا- يعني الربيع- فإنه يلعنها، فعليه لعنة الله. قال الربيع: لا والله يا أمير المؤمنين، ما ألعنها. قال له شريك: يا ماجن، فما ذكرك لسيدة نساء العالمين وابنة سيّد المرسلين في مجالس الرجال؟ قال المهدي: دعني من هذا، فإني رأيتك في منامي كأنّ وجهك مصروف عنّي وقفاك إليّ، وما ذلك إلا بخلافك عليّ، ورأيت في منامني كأني أقتل زنديقا. قال شريك:
إن رؤياك يا أمير المؤمنين ليست برؤيا يوسف الصّدّيق صلوات الله على محمد وعليه، وإن الدماء لا تستحل بالأحلام، وإنّ علامة الزندقة بيّنة. قال: وما هي؟ قال:
شرب الخمر، والرّشا في الحكم، ومهر البغيّ. قال: صدقت والله أبا عبد الله! أنت والله خير من الذي حملني عليك.
ودخل شريك القاضي على المهديّ، فقال له الربيع: خنت مال الله ومال أمير المؤمنين. قال: لو كان ذلك لأتاك سهمك.