يأكله، ومانع عما سوف يتركه؛ ولعله من باطل جمعه، ومن حقّ منعه أصابه حراما، وأورثه عدوّا حلالا، فاحتمل إصره «١» ، وباء بوزره، وورد على ربه أسفا لهفا، خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.
[خطبة لشداد بن أوس الطائي]
حمد الله وأثنى عليه وقال: ألا إن الدنيا عرض حاضر، يأكل منها البرّ والفاجر؛ ألا إن الآخرة وعد صادق، يحكم فيها ملك قادر؛ ألا إن الخير كلّه بحذافيره في الجنة؛ ألا إن الشرّ كله بحذافيره في النار، فاعملوا ما عملتم وأنتم في يقين من الله، واعلموا أنكم معروضة أعمالكم على الله، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
«٢» وغفر الله لنا ولكم.
[خطبة لخالد بن عبد الله القسري]
صعد المنبر يوم جمعة وهو والي مكة، فذكر الحجاج فأحمد طاعته وأثنى عليه خيرا؛ فلما كان في الجمعة الثانية ورد عليه كتاب سليمان بن عبد الملك يأمره فيه بشتم الحجاج وذكر عيوبه وإظهار البراءة منه: فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
إن إبليس كان ملكا من الملائكة، وكان يظهر من طاعة الله ما كانت الملائكة ترى له به فضلا، وكان قد علم الله من غشه وخبثه ما خفى على ملائكته فلما أراد فضيحته ابتلاه بالسجود لآدم، فظهر لهم ما كان يخفيه عنهم، فلعنوه؛ وإن الحجاج كان يظهر من طاعة أمير المؤمنين ما كنا نرى له به فضلا، وكان الله قد أطلع أمير المؤمنين من غشه وخبثه على ما خفي عنا؛ فلما أراد [الله] فضيحته أجرى ذلك على يد أمير المؤمنين، [فلعنه] ، فالعنوه لعنه الله!