قال: فدعوت المزين فأخذ من شعره. وأدخل الحمام فطرحت عليه شيئا من ثيابي، فلما صرت إلى الأهواز، كلمت الرّخّجيّ، فأعطاه خمسة آلاف درهم. ورجع معي، فلما صرت إلى أمير المؤمنين، قال: ما كان من خبرك في طريقك؟ فأخبرته خبري، حتى حدثته حديث الرجل، فقال لي: هذا لا يستغنى عنه، فلأي شيء يصلح؟ قلت:
هذا أعلم الناس بالمساحة والهندسة. قال: فولاه أمير المؤمنين البناء والمرمّة «١» : فكنت والله ألقاه في الموكب النبيل، فينحطّ عن دابته، فأحلف عليه فيقول: سبحان الله! إنما هذه نعمتك وبك أفنيتها.
[فضائل الكتابة]
قال أبو عثمان الجاحظ: ما رأيت قوما أنفذ طريقة في الأدب من هؤلاء الكتاب؛ فإنهم التمسوا من الألفاظ ما لم يكن متوعرا وحشيا، ولا ساقطا سوقيا.
وقال بعض المهالبة لبنيه، تزيّوا بزي الكتاب فإنهم جمعوا أدب الملوك وتواضع السّوقة.
[المنصور وقوم من الكتاب:]
وعتب أبو جعفر المنصور على قوم من الكتاب فأمر بحبسهم؛ فرفعوا إليه رقعة ليس فيها إلا هذا البيت:
ونحن الكاتبون وقد أسأنا ... فهبنا للكرام الكاتبينا
فعفا عنهم وأمر بتخلية سبيلهم.
وقال المؤيد: كتّاب الملوك عيونهم الناظرة، وآذانهم الواعية، وألسنتهم الناطقة؛