للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدنيا، كما يذود الراعي الشفيق إبله عن موارد الهلكة.

قال الفضيل بن عياض: ألا ترون كيف يزوي الله الدنيا عمن يحب من خلقه:

يمررها عليه مرة بالجوع، ومرة بالعري، ومرة بالحاجة؛ كما تصنع الأم الشفيقة بولدها: تفطمه بالصبر مرة، ومرة بالحضض «١» ؛ وإنما يريد بذلك ما هو خير له.

وفي الحديث: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «أخبرني جبريل عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ما ابتليت عبدي ببلية في نفسه أو ماله أو ولده فتلقاها بصبر جميل إلا استحييت يوم القيامة أن أرفع له ميزانا أو أنشر له ديوانا» .

[كتمان البلاء إذا نزل]

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «من ابتلي ببلاء فكتمه ثلاثة أيام صبرا واحتسابا، كان له أجر شهيد» .

وسمع الفضيل بن عياض رجلا يشكو بلاء نزل به، فقال: يا هذا، تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك.

وقال: من شكا مصيبة نزلت به فكأنما شكا ربّه.

وقال دريد بن الصمة يرثي أخاه عبد الله بن الصمة:

قليل التشكّي للمصائب ذاكرا ... من اليوم أعقاب الأحاديث في غد

وقال تأبط شرا:

قليل التشكّي للملمّ يصيبه ... كثير النّوى شتى الهوى والمسالك «٢»

[لشريح:]

الشيباني قال: أخبرني صديق لي قال: سمعني شريح وأنا أشتكي بعض ما غمّني إلى صديق، فأخذ بيدي وقال: يا بن أخي. إياك والشكوى إلى غير الله؛ فإنه لا يخلو