له: قد علمت، ولكنك ذو فضل وذو الفضل معوان. فدخل على المأمون فقال: يا أمير المؤمنين، أجرني من العتابي ولسانه فلم يأذن له وشغل عنه، فلما رأى العتابي جفاءه قد تمادى. كتب إليه:
ما على ذا كنا افترقنا بسندا ... د ولا هكذا رأينا الإخاء
لم أكن أحسب الخلافة يزدا ... د بها ذو الصفاء إلا صفاء
تضرب الناس بالمثقّفة السّم ... ر على غدرهم وتنسى الوفاء
فلما قرأ أبياته دعا به، فلما دنا منه سلّم بالخلافة ووقف بين يديه، فقال: يا عتابي، بلغتنا وفاتك فغمّتنا، ثم انتهت إلينا وفادتك فسرّتنا. فقال: يا أمير المؤمنين، لو قسم هذا البرّ على أهل منى وعرفات لوسعهم؛ فإنه لا دين إلا بك، ولا دنيا إلا معك! قال: سل حاجتك. قال: يدك بالعطية أطلق من لساني بالمسألة فأحسن جائزته.
وانصرف.
[وفود أبي عثمان المازني على الواثق]
أبو عثمان بكر بن محمد قال: وفدت على الواثق، فلما دخلت وسلمت قال:
هل خلّيت وراءك أحدا يهمك أمره؟ قلت أخيّة لي ربّيتها فكأنها بنتي. قال:
ليت شعري. ما قالت حين فارقتها؟ قال: أنشدتني قول الأعشى:
تقول ابنتي يوم جدّ الرحيل ... أرانا سواء ومن قد يتم
أبانا، فلا رمت من عندنا ... فإنا نخاف بأن تخترم «١»